الثقة بالنفس موضوع هام لطالما ناقشه وبحث فيه كبار العلماء في العلوم الإنسانية والنفسية والطبية وبينوا مدى أهميته وما له من أثر على السلوك البشري ككل.
العديد من المترددين على العيادات النفسية يغلب على جذور مشكلاتهم النفسية عجز بنظام الثقة بالنفس، أو عدم الرضا عن الذات، وبالتالي يقودهم ذلك إلى عدم الرضا وقلّة القناعة وعدم قبول أنفسهم، ومن هنا أيضاً تبدأ مرحلة الدوّامة والدخول في حلقات مفرغة حلقة تلو الأخرى.
والثقة بالنفس هي شعورٌ نابعٌ داخليًا من الذات, يتمثّل في كيفية تقدير قيمة المرء لنفسه، وينعكس ذلك الشعور أيضاً على تصرفاته التي يقوم بها من عدم تردد أو خوف مبالغ فيه، وضعف ذلك الشعور يؤدّي إلى مراقبته للآخرين من حوله والتفكير دائمًا في حكمهم عليه، وينعكس ذلك سلبًا على سلوكه بشكلٍ عامٍ.
أسباب عدم الثقة بالنفس :
الأسباب الخارجيّة :
تعرضه لمواقف مهينة وخصوصا في الصغر, كالتوبيخ والإذلال أمام الآخرين وتسفيه آراءه ومواهبه, ونظرة الأهل السلبية له، وتحميله مسؤوليّات أكبر من قدراته، وعدم إعطائه فرصة لإثبات نفسه, وتعرضه للفشل المتكرر سواء في المدرسة أو العمل لظروفٍ خارجةٍ عن إرادته، أو لعدم تناسب قدراته مع طبيعة العمل.
الأسباب الداخلية :
تهويل أي موقف وتحميله أهميّة أكبر من حقيقته، خاصةً الموقف الذي يتطلب احتكاكاً بالآخرين.
القلق دون مبرر من التّعرض للّوم عند أي تصرف دون رجوعه لشخص آخر والتأكد من صحة فعله.
شعوره بالضعف وعدم قدرته على تقديم أمور نافعة للذات وللآخرين، وكراهيته لنفسه التي تؤدّي إلى فقدانه للأمل.
علاج عدم الثقة بالنفس :
إدراكه بأنّ كل البشر يمتلكون عيوباً في شخصيّاتهم، وأنّ الاعتراف بهذه العيوب بشكلٍ موضوعيٍّ هو أوّل الطريق للتخلّص من عدم الثقة بالنّفس بشكلٍ متدرج.
تركيزه على مزاياه الشخصيّة، ولضمان حكمه السليم يمكنه الاستعانة بأصدقائه أو أقاربه الموثوقين وسؤالهم عن أهمّ العيوب والمزايا التي يلاحظونها فيه، مع أخذ كلامهم بعين الاعتبار دون تصديقٍ مباشرٍ أو إنكارٍ.
أن يتعلم من خلال التّجربة والخطأ أمرٌ طبيعيٌّ, ويمكنه التّعلّم من خلال التركيز على النجاحات الصغيرة لتنميّة مشاعره الإيجابية في نفسه.
تدريب نفسه على التماسك عند الوقوع في الأخطاء, سواء في العمل أو المدرسة أو في غيرهما مهما كانت درجة الإحراج.
تركيزه على التفرقة بين الثقة بالنفس والغرور والحرص على عدم وقوعه في ذلك الفخ, فالشخص المغرور تظهر تصرفاته بشكلٍ واضحٍ في تعاليه على الآخرين، ومحاولة تقليله من شأنهم للظهور بمظهرٍ أفضل منهم، أما الواثق من ذاته فيسعى دائما إلى المساعدة والتواضع مع من هم أقلّ منه، مع عدم سماحه لأي أحد بالنيل من كرامته أو تجاوز الحدود معه.
أن يستثمر وقته في المواهب من أفضل وأسرع الوسائل التي تعالج عدم الثقة بالنفس، حيث أنّ جميع النقاط السابقة يمكن تسريع أدائها إذا اكتشف أن هناك موهبة لديه، وعمل على التميّز فيها, حتى يمتلك نقطةً يتفوق بها على من حوله وتشعره بالاختلاف، ويمكن أن تكون هذه الموهبة في ممارسة أحد الرياضات أو العلوم أو في التكنولوجيا أو في الفنون أو حتى في تعلّم اللغات.
كيف أتعلم الثقة بنفسي :
تنمية وزيادة الوازع الديني لديك وغرس آلية التوكّل، والاعتماد على خالقك بعد الأخذ بالأسباب المتاحة أيضا والقدرات المتوفرة لديك.
تنمية وزيادة درجة الوعي لديك عن طريق رفع المستوى الثقافي والعلمي وتبنّي أسلوب التحليل العلمي في البحث والاستقصاء والمقارنة وغيرها.
أن تندمج بنوعية من الأصدقاء ذوي اهتمامات محمودة ونشاطات تزكية للنفس والسمو والترفع عن سفاسف الأمور الهادمة والمشككة لقدراتك وإنجازاتك.
اندماجك بنشاطات الأعمال التطوعية يقوي الثقة بالنفس.
زيارتك وتعاملك لأكبر قدر ممكن ممن هم لديهم معاناة صعبة أو من هم من ذوي الإحتياجات الخاصة وتعلم آليات الصبر والتعايش في المجتمع.
أن تحاول قدر الإمكان أن تتبنّى مبدأ السفر والترحال لمشاهدة عوالم أخرى.