قصة صينية قديمة تحكي عن الطمع، عندما أراد ملك البلاد أن يخصص مكافأة لأحد أفراد شعبه، وعندما وقف أمامه المواطن البسيط، أخبره أنه سيعطيه ما يريد من أراضي تكون ملكاً له يزرع ويجني محصولها وتكون ملكاً له وحده، ولكن على شرط واحد، أن تكون مساحة هذه الأرض هي تلك الخطوات التي يمشيها على قدميه.
مواصلة السير :
فرح المواطن وبدأ يمشي على قدميه وهو على يقين بأنه كلما يمشى أكثر كلما زادت قطعة الأرض التي سيعطيها له الملك كما وعده، وظل يمشى حتى تعب، وشعر أنه وصل إلى مساحة كبيرة ومناسبة له، وقرر أن يعود للملك ليخبره عن مساحة الأرض التي قطعها مشياً على قدميه، ولكنه فكر مرة أخرى وفضل أن يواصل السير حتى يحصل على ما هو أكبر، أنه الطمع الذي جعله يعمل على مواصلة السير، ولما أنهكه التعب قرر أن يعود، ولكنه مرة أخرى وقع ضحية الطمع وقرر أن يمشي أكثر ليجني أكثر، ومرة يجرى ومرة يهرول، ومرة يمشي ببطء.
الضياع :
ظل هكذا إلى أن خارت قواه ولم يعد قادراً على أن يخطو ولو خطوة واحدة نحو الأمام، وهكذا توقف عن الطمع في الزيادة، وقرر أخيراً أن يعود إلى الملك ويخبره أنه اكتفى بما وصل إليه من مساحة، ولكنه لم يستطيع، فكلما يتخذ طريقاً للعودة، ويبدأ في السير يكتشف بعد فترة أنه ضل الطريق، ويعاود المحاولة مرة أخرى، وأخرى، وفي كل مرة يحاول لا يصل إلى شيء، وتكررت المحاولات الفاشلة دون أن يصل لشيء حتى ضاع ولم يجد طريقه أبداً، ووقع في أرضه ليلاقى نصيبه من الموت، ويكون هو الشيء الوحيد الذي حصل عليه من الطمع الذي عاشه، وحلم به بعيداً عن القناعة والسعادة بالشعور بالرضى.
الاستمتاع بالوقت :
جلس الصديقان كلاً منهم يمسك في يده صنارة يصطاد بها السمك من البحر، وكان من نصيب أحدهما تلك السمكة الكبيرة التي اكتفى بها، ووضعها في الحقيبة، وبدأ يتحرك ليعود إلى منزله مكتفياً بهذه السمكة الكبيرة، وأندهش صديقه وسأله قبل أن يرحل، إلى أنت ذاهب، قال له: أنا ذاهب إلى البيت، وقال الصديق: ولكن لماذا فأنت لم تصطاد سوى سمكة واحدة، أجابه أنها تكفيه وتكفى أسرته، ولكنه عاد يتحدث معه ليقنعه بالبقاء، وسأله لماذا أبقى، قال له: حتى تصطاد المزيد من السمك حتى يمكنك بيعه والحصول على المزيد من المال، قال له: ولماذا؟ قال الصديق، تفعل به ما تشاء حتى أنه يمكنك أن تصطاد المزيد والمزيد لتحصل على المال الوفير وتضعه في البنك ليكون لك سنداً عندما تكبر في السن، وحينها تستطيع أن تنفق مثلما تشاء وتقضي وقتاً ممتعاً مع أسرتك وأولادك، نظر إليه وهو يقول: انا الآن ذاهب إلى المنزل لأقضي وقتاً سعيداً مع أسرتي وأولادي، فلماذا أجل تلك السعادة حتى أصير كبيراً في السن مادمت أنا قادر على الإحساس بها الآن، وأن أعيشها مع أسرتي وأولادي.
طريق السعادة :
أراد أب أن يعلم أبنه سر السعادة فأرسله إلى حكيم يسكن بعيداً، ظل الشاب يمشى لمدة أربعين يوماً إلى أن وصل إلى القصر الذي يسكن فيه الحكيم، وأنتظر ساعتين إلى أن يأتي دوره ليراه الحكيم، وعند رؤيته أخبره بما يريد معرفته من سر السعادة، نظر إليه الحكيم ثم أعطاه ملعقة بها نقطتين من الزيت وحذره من أن يحافظ عليهم، وأن يتحول بالمعلقة بالقصر ويعود له بعد ساعتين، تمسك الشاب بالمعلقة خوفاً من أن تقع نقطتي الزيت على الأرض ويفقدهما، وظل يمشي في الطرقات والحديقة ويدخل حجرة ويخرج من أخرى، وهو ينظر إلى الملعقة حفاظاً على نقطتي الزيت، وعند عودته إلى الحكيم بدأ يسأله هل رأيت الحديقة، هل دخلت إلى الحجرة الفارسية ورأيت السجاد رائع المنظر فيها، ولكن الفتى لم تكن لديه إجابة على تلك الأسئلة فهو لم يرى أياً منها أنه فقط رأى نقطتي الزيت، وعاد الحكيم يرسله مرة أخرى ليرى القصر جيداً ومعه المعلقة ونقطتي الزيت، ومشى الفتى في القصر وأدرك كم هو جميل ورائع وممتلئ بالتحف والحديقة بزروعاها الجميلة وورودها الرائعة، وعند عودته إلى الحكيم أخبره بكل شيء رآه ولكنه نظر إلى النقطتين الزيت ولم يجدهما فقد انسكبا منه وضاعا دون أن يدري بهما، وهنا قال له الحكيم سر السعادة هو أن ترى ما في الدنيا من أشياء رائعة، ولكن دون أن تهمل نقطتي الزيت التي هما في الأصل الستر والصحة.