أولا : السنة
قال العلماء أن كلمة ( السنة ) لا تأتى سوى في الشدة والجدب, ومنه قوله تعالى (( ولقد أخذنا أل فرعون بالسنين )) والسنين هنا معناها الجدب أي أخذنا ال فرعون بالجدب سنة بعد سنة, حبس المطر عنهم فنقصت ثمارهم وغلت أسعارهم .
والعرب يستعملون لفظ السنة عندما يرغبون في وصف الشدة في بلد ما فيقولوا (( أصابت البلد سنة )) أي أصاب البلد جدب وشدة .
والدليل على أن السنة تدل على الشدة قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( اللهم أجعل عليهم سنين كسني يوسف )), سني يوسف أي القحط والجدب وهى السبع سنين الشداد التي أصابتهم , ويقال أسنت القوم أي أجدبوا .
وقال الإمام الرازي رحمة الله عليه في تفسير مفاتيح الغيب أن السنة قد تأتى بمعنى العام و قد تستعمل بمعنى الجدب, قال أبى على الفارسي السنة لها معنيين : الأول ” يراد به الحول والعام, والأخر” يراد به الجدب وهو عكس الخصب .
الآيات التي ذكر فيها لفظ السنة في القرآن :
1 : قوله تعالى (( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ )) .
2 : قوله تعالى (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ )) .
3 : قوله تعالى (( فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى )) .
من الآيات السابقة نلاحظ أن كلمة السنة وردت في المواقف التي حصل فيها شدة وتعب وضيق وظلم للأنبياء والرسل .
ففي قصة سيدنا يوسف في المثال الأول ذكر لفظ ( سبع سنين ) مع الجهد والتعب والعمل الشاق ثم ذكر بعد ذلك في الآية ( سبع شداد ) هذا وصف للسنين مع الضنك والجدب .
أما الآيات التي ذكرت في قصة سيدنا نوح وفى المدة التي قضاها في تبليغ رسالته وفى نصح قومه فكانت كلها سنين شدة ونكد وعذاب وكانت مدة عصيبة ومليئة بالسخرية والاستهزاء من قومه لذلك عبر عنها الله عز وجل بكلمة ( سنة ) .
ثانيا : العام
العام على خلاف السنة لا يأتي سوى بالخير والرغد والرخاء, قال تعالى في كتابه العزيز في قصة سيدنا يوسف (( ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون )) أي أن في هذا العام يأتي على أهل مصر الخير والغيث والخصب والرفاهية .
قال الفيروز ابادي في بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز (( يعبر عن الجدب بالسنة, وعما فيه رخاء بالعام )) .
قال الله تعالى (( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما )) . في سورة العنكبوت
لماذا قال الله تعالى ألف سنة إلا خمسين عاما ولم يقل تسعمائة وخمسون سنة؟ وذلك لأن هناك فرق بين السنة والعام, فلفظ السنة :
يطلق على الأيام الشديدة الصعبة ..
وقال تعالى (( تزرعون سبع سنين )) .
أما لفظ العام :
يطلق على الأيام السهلة أيام النعيم والرخاء .
قال تعالى:-
(( ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ))
– وبذلك يكون سيدنا نوح قد لبث ألف سنه شقاء .
إلا خمسين عاما.
- لذا من الأفضل أن نقول…
“كل عام وأنت بخير”
- وليس كما يقال:
” كل سنة و أنت طيب”