أمرنا الله سبحانه وتعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما في آيات كثيرة من القرآن الكريم، وحذرنا من عقوق الوالدين ومن عقوبته في الدنيا قبل الآخرة وذلك لعظمه واعتباره من أكبر الكبائر في الإسلام.
العقوق:
فقد قال ابن الأثير يقال: عقَّ والده يعقَّه عقوقاً، فهو عاق، ثم أكمل قائلاً: إذا آذاه وعصاه وخرج عليه وأصله من العق: القطع والشق، وهو ضد البر كما يقال عق أباه، وعقوقاً، وعصاه وترك الإحسان إليه، ومعقة: استخف به، كلمة العقوق في اللغة تعني: الشق، يقال عق ثوبه كما يقال شق ثوبه، ومنه يقال أيضاً عق الولد أباه وعق أمه (من باب قعد) إذا عصاه وترك الإحسان إليه فهو عاق والجمع عققه.
أما مفهومه في الاصطلاح: فهو ترك الإحسان إليهما وإغضابهما وفعل كل ما يتأذى به الوالدين تأذياً شديداً، وقيل أيضاً هو ما يتأذى به الوالدان من ولدهما من فعل أو قول إلا في معصية أو شرك غير متعنتين.
ما عقوبة عقوق الوالدين :
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على تعجيل عقوبة من كان عاقاً بوالديه في الدنيا باعتبار أن عقوقهما من أكبر الكبائر في ديننا الإسلامي، كما روى البخاري في الطبراني، وفي التاريخ وصححه الألباني مرفوعاً (اثنان يعجلهما الله في الدنيا: البغي وعقوق الوالدين)، فإن حق الوالدين على أبنائهما من الحقوق المؤكدة في الإسلام بعد حق الله سبحانه وتعالى، وذلك يكون من خلال احترامهما وإكرامهما وطاعتهما والإنفاق عليهما ورعايتهما في حالة احتياجهما للإنفاق والرعاية.
فحق الوالدين قد جاء بعد حق الله سبحانه وتعالى مباشرةً لأنهما كانا السبب في وجود الإنسان بعد الله عز وجل وقد أفنوا أعمارهم وصحتهم لتربية أبنائهم وعانوا أشد العناء لذلك حثنا الله سبحانه وتعالى للإحسان بالوالدين كما جاء في سور كثيرة.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد شدد على كون عقوق الوالدين من أكبر الكبائر عنه الله سبحانه وتعالى وجعل مرتبته تلي الشرك به سبحانه مباشرةً.
مظاهر عقوق الوالدين :
هناك صور كثيرة ومظاهر عديدة وأفعال كثيرة يفعلها الأبناء وتعتبر هذه من مظاهر العقوق للآباء والأمهات منها رفع الصوت عليهما ونهرهما عن فعل ما وزجرهما وإبكائهما وإدخال الحزن على قلبهما بقول أو بفعل، ومقاطعتهما أثناء حديثهما أو تكذيبهما أو مجادلتهما أو ترك الاستماع إليهما أو مخاصمتهما لما فيه من التحقير لشأنهما.
أيضاً أن لا يعتد برأيهما ولا يشاورهما ويستأذنهما في أمور حياته وأن لا يستأذنهما عند الدخول عليهما، وأن يفتعل المشكلات أمامهما، أو يذكر عيوبهما أو يقوم بذمهما أمام الناس، أو يقوم بلعنهما أو شتمهما أو سبهما أو يتسبب في ذلك، أو يدخل المنكرات إلى منزلهما، أو يقوم بمزاولة المنكرات أمامهما، أو أن يشوه سمعتهما، أو يحرجهما مع الآخرين، أو أن يتسبب في قلقهما وانزعاجهما بمكوثه وقتاً طويلاً خارج البيت، أو أن يثقل عليهما بكثرة طلباته مع تأكده من قلة حيلتهما وعدم قدرتهما على تلبيه هذه الاحتياجات.
أما أكثر صور عقوق الوالدين انتشاراً في زماننا هذا هو أن يتخلى عنهما في الكبر وعجزهم وحاجتهم إلى من يرعاهم وانشغاله واهتمامه بأعماله الخاصة وعدم تحمل مسئوليتهم، ويعتبر هذا من أشد مظاهر العقوق قبحاً وأسوءه على الإطلاق حيث أن بعض الأبناء أيضاً عندما يرتفع مستواه الاجتماعي يتنكر لهما ويتبرأ من معرفتهما ويخجل من وجودهما في حياته، ويتناسى فضلهما عليه.
أسباب عقوق الوالدين :
من أهم أسباب عقوق الوالدين هو الجهل، جهل الأبناء بنتيجة بر الوالدين وفضل الله سبحانه وتعالى عليهم، وجهلهم أيضاً بعقوبة عقوقهم لوالديهم، والسبب الثاني وهو سبب مهم جداً أيضاً هو سوء تربية الوالدين لأبنائهم فيجب على الوالدين تربية الأبناء على البر وصلة الرحم وتقوى الله عز وجل، وهناك سبب آخر وهو تناقض الوالدين فيما يعلمونه لأبنائهم فنرى أغلب الآباء والأمهات يعلمون أبناءهم أموراً ويفعلون عكسها تماماً فهذا يشجع الأبناء على التمرد والعقوق، وهناك أسباب كثيرة أيضاً يكثر الحديث عنها قد تكون عامل مهم في عقوق الوالدين، لكن يجب علينا أن نبر بوالدينا وأن نرضيهما حتى يرضى عنا الله عز وجل كما أمرنا هو ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.