حقا, حق لهذه الأمة أن تفخر بما شهد الله به عليها, فالأمة الإسلامية, هي خير الأمم, وهذه الخيرية ليست مجاملة, وسببها قوله تعالى بعد ذلك: “تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”, وهذا ليس تشريفا فحسب, وإنما هو تكليف أيضا, لأن الخيرية مرتبطة بالإيمان بالله, وعمل الخير والدعاء له, واجتناب الشر والتنفير منه, والاستقامة على شرع الله تعالى.
فكما يقال إذا تحقق الشرط تحقق المشروط, فلن نكون خير الأمم إلا إذا قمنا بما ذكره الله تعالى في الآية الكريمة, كما قال عمر بن الخطاب: “من سره أن يكون من هذه الأم, فليؤد شرط الله فيه”.
فكل مسلم صح إسلامه, ينبغي أن يمثل الإسلام بشخصيته وسلوكه, وسيرته ومنهجه, “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال أنني من المسلمين”.
فالمسلمون لما بلغهم هذا الدين, واقتدوا برسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وشؤون حياته وغيرها… نشأت آنذاك حضارة عظيمة للمسلمين, تسودها الفضائل والقيم سواء في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم, أو في عصر الخلفاء الراشدين. واستمرت على ذاك النهج والمنوال, حتى عصر الدولة العثمانية, وهي الحضارة التي اهتمت وارتقت بالعلم والأدب, ورعت الحياة الاجتماعية والاقتصادية, وأفشت الدين ودافعت عنه, وحافظت على قيمه, ونشرت الحق وأعلت رايته… و الأمة الإسلامية تتميز بقيم كثيرة, انفردت بها عن باقي الأمم, فكان هذا شرفا لها. “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثير”.
من تلك القيم نذكر:
1-الثبات على الحق:
أمة الإسلام ثبثت على الحق والدين القويم, كما أنزل, دون تحريف أو تبديل أو تغيير, وبذلوا جهدهم في ذلك, وخير الأمثلة الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه, الذي كان يبذل كل ماله في سبيل الله. وكان يبذله بكل صدق وإخلاص.
2-القسط والعدل:
الأمة الإسلامية, هي أمة العدل بامتياز,فعدلت بين الخلق جميعا, غنيهم وفقيرهم, قويهم وضعيفهم…. وأشهر من عرف بالعدل آنذاك, هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أبدله الله بفظاظته رأف بعد أن اطمأن قلبه للإسلام, وكان يحاسب نفسه دوما, خاصة بعد أن تولى الخلافة, فكان يقول:” لو هلك حمل من ولد الضان ضياعا بشاطئ الفرات خشيت أن يسألني الله عنه”.
وكان يأخذ الطعام ليلا للفقراء والمحتاجين واليتامى والمساكين, ويرأف بهم, وهو صاحب القولة التي أعلنت عدل الإسلام, ورحمته:” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.
3-الزهد:
حذر النبي أمته من الانشغال بملذات الدنيا, والركون إليها, وإلى ملذاتها ومتعها, حيث قال: “فو الله ما الفقر أخشى عليكم, ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم, كما بسطت على من كان قبلكم, فتنافسوها كما تنافسوها,
وتهلككم كما أهلكتهم”.
وعمر بن عبد العزيز, خير مثال في الزهر والورع, أعرض عن الدنيا وزينتها, رغم أنها أتته راغبة, يقول مالك بن دينار رحمه الله: “الناس يقولون إني زاهد, إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز, الذي أتته الدنيا فتركها.”
4-الدعوة والهداية:
أمرت الأمة الإسلامية بنشر تعاليم الدين الحنيف, وهداية الخلق والناس إليه, فكانوا يجاهدون لتوسيع رقعة الإسلام بكل أصقاع الدنيا, ففتحوا البلدان القاصية والدانية, وأكملوا سيرهم طلبا لدخول الناس في دينهم الحنيف سنين طويلة…
فبعد كل المآثر الخالدة التي سلكها هؤلاء, ليعلوا راية الإسلام عاليا وجب علينا السير على نهجهم وخطاهم لتبقى راية الإسلام مرفرفة ولنستحق لقب خير الأمم حقا.