بعد وفاة سيدنا داوود أصبح سيدنا سُليمان من يحكُم بني إسرائيل فنظمها ووحد الأسباط في قوله” و ورِثَ سليمان داوود ” (آية 16 : سورة النمل)
ورث عنه المُلك والنبوة معا، لأن الأنبياء لا توّرث المال، فأموالهم من بعدهم تذهب لبيت مال المسلمين، ماذا تعني كلمة” الأسباط”
الأسباط تعني الأحفاد، والمقصود هنا هم أحفاد سيدنا يعقوب، سيدنا يعقوب هو نفسه إسرائيل، وأولاده ال 12 (ومن ضمنهم سيدنا يوسف) هم أصل بني إسرائيل ومن نسلهم تكونت بني إسرائيل، ذرية ال 12 أبن هم من نطلق عليهم الأسباط، وتم ذكرهم في القرآن الكريم في مواطن عديدة، وفي قوله تعالي : ” وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أُمماً ” .. (آية 160 : سورة الأعراف)
الأسباط كانوا موحدين في عهد سيدنا سليمان، أي تحت حكم واحد، لحين توفي سيدنا سُليمان فتفرّقوا، سيدنا سُليمان كان مُهتم بحب الخيول، وخصوصا نوع يُسمى” الصافنات “و قد كان من أجود أنواع الخيول، في يوم من الأيام كان منشغلا بالخيول الصافنات لتجهيز الأجود منهم للحرب والقتال، وأخر عن الورد اليومي لعبادة ربه، في قوله تعالي” إذ عُرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ¤ فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ” .. (آية 31 ,32 : سورة ص)
فهُنا الجياد تعني الخيل السريع، والخير فسّروه المُفسرون بالمال، أما توارت بالحجاب يعني غياب الشمس.
سيدنا سليمان أعاد بناء بيت المقدس، وطلب من ربه ثلاثة أمور أو ثلاث دعوات:
١- أن يُعطيه الله من حكمته.
٢- و ملك لا يملكه أحد من بعده.
٣- من يخرج من بيته وفي نيته أن يُصلي في بيت المقدس، ربنا يُنقيه من الخطايا كيوم ولدته أمه.
ورسولنا الكريم ــ صلي الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ــ قال : ” فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطانا إياها” أي تمنى هذا الأمر العظيم أن يكون من نصيب أمة مُحمد.
ومن القصص الدالة على حكمة سيدنا سُليمان :
- من الأحاديث المذكورة في هذا الصدد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” بينما امرأتان معهما ابناهما إذ عدا الذئب فأخذ ابن إحداهما، فتنازعتا في الآخر فقالت الكبرى : إنما ذهب بابنك وقالت الصغرى بل إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فحكم به للكبرى، فخرجتا على سليمان فقال: ائتوني بالسكين أشقه نصفين لكل واحدة منكما نصفه فقالت الصغرى وهي أم الصبي خوفا على ابنها: لا تفعل يرحمك الله فقال سليمان عليه السلام، هو ابنها فقضى به لها فمن حكمته عرف إن الأم الحقيقية هي من تتنازل عن ابنها لكن يظل سليم معافى من غير أذى.
- من القرآن أنه في عهد سيدنا داوود كان هناك رجل يمتلك أغنام يرعاهم، ورجل آخر يمتلك حقل ممتلئ بالزرع، فدخلت الغنم على الزرع وأكلته فذهبا الرجلين لسيدنا داوود ليحكم بينهم، في قوله تعالي : ” وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ” .. (آية 78 : سورة الأنبياء).
فحَكم سيدنا داوود للرجل بأخذ الأغنام تعوي عن خسائره في المحصول، ولكن سيدنا سُليمان اقترح حُكما آخر،وهو أن صاحب الغنم يزرع الأرض من جديد ويرجع الزرع مثلما كان، وصاحب الزرع يأخذ الغنم خلال هذه الفترة لكي ينتفع بها. في قوله : ” ففهمناها سليمان وكلاً آتيناه حُكما وعلما ” .. (آية 79 : سورة الأنبياء