الزواج :
مرت السنوات على هذا الزواج، وتغير كل شيء تغيرت الزوجة، وتغير زوجها، لم تكن تشعر معه باللهفة التي كان يظهرها في الماضي، حينما كان لا يطيق الابتعاد عنها ولو لفترة صغيرة من الزمن، وبدأت تسأل أين تلك المشاعر الحقيقية، هل انتهت، هل كان حبه لها وليد اللحظة، واختفي مع الكثير من المشاغل اليومية، وكما يقول دائماً أنها طبيعة عمله كطبيب، ولا يمكن أن يغيرها.
رحلة الحياة :
شعرت أنها ارتاحت قليلاً عندما وصلت إلى هذا القرار، خاصةً بعد محاولاتها الفاشلة في أن تجعل زوجها يوفر لها هذا الجو الرومانسي الحالم الذي تنام وتصحو تفكر فيه، ودائماً ما تتشاجر معه، وهي تصيح في وجه كيف للإنسان أن يعيش بلا مشاعر في هذه الحياة، وأين ذهبت المشاعر الحقيقة التي كان يتشاركناها معاً، وزادت الشجارات والصياح لكلاً منهما، ودائماً السبب واحد، هي دائماً تريده معها بجوارها، تعيش معه وله، وهو تارة يهاودها ويتحدث معها بعطف ولطف ودبلوماسية، وتارة أخرى لا يطق ويخرج عن شعوره ويزداد الصوت علواً، ولكنها لم تتحمل غيابه الطويل عن المنزل ودائم انشغاله بالعمل تاركاً إياها هي والصغير يعيشون بمفردهم، أن رحلة الحياة قصيرة وسيكبر الصغير ويصير شاباً دون أن تستمتع بمراحل عمره وتعيشها معه، ولكن دون فائدة.
الخطأ :
اقتنعت الزوجة بأنها أخطأت بالزواج منه، فهي وإن كانت تتحمل هذه الحياة الخالية من المشاعر الحقيقية من حب وعشق ورومانسية فهي تتحملها فقط من أجل الصغير، وتنظر إلى عينيه وهي تردد بداخلها هو اليوم حب حياتها، ويستحق التضحية من أجله، ستعيش فقط لأجله هو، وسوف تتوقف عن التفكير في هذه التفاهات كما تسميها أصدقائها الفتيات عندما تشكو إليهن تطلب منهن النصيحة أو المساعدة لتعود الحياة كما تتمناها وكما كانت حياة وردية في بداية الزواج.
الفراق :
أخيراً قررت أنها لم تعد تتحمل الحياة مع شبح زوجها الذي لا تراه إلا القليل القليل من الوقت يكرسه لها، وكل وقته لعمله هو فقط، متجاهلاً إياها، ولا يحقق أملها في أن تعيش معه تلك المشاعر الحقيقية التي كانت تحلم بها قبل الزواج، لذلك قررت الانفصال، ولكنها تحتاج إلى الوقت المناسب لتخبره هذا القرار حتى يتم الفراق والانفصال في هدوء والأهم حتى لا يصاب الصغير بأي ضرر، فهما يجب أن يجلسا معاً ويتحدثا في ذلك الأمر، وأخيراً وبعد معاناة منها وافق على هذه الجلسة دون أن يعلم ماذا تريد منه، فقط طلبت منه أن تتحدث معه في أمر هام ولم تخبره ما هو.
حادثة :
اتصلت بها جارتها تخبرها أنها تعرضت لحادث وأنها بالمستشفى، وبسرعة ذهبت إليها لتطمئن عليها، وعند وصولها وجدتها ممدة على السرير وتحدثت معها لتطمئنها وأخبرتها أنها بخير، لم يحدث شيء ضار وطلبت منها أن تهتم لأمر أبنها إلى أن تعود، وظلت معها قليلاً من الوقت وبعدها قررت المغادرة لتأتي بالطفلين ويجلسان معها اليوم إلى أن تعود جارتها إلى منزلها في الصباح الباكر، وبعد أن اطمأنت على صديقتها من أنها نائمة وهادئة تركت الغرفة ورحلت، وفي طريقها إلى الخارج سمعت ورأت أم تدعو الله لذلك الطبيب وتطلب منه راجية أن يوفقه في حياته وأن يجلب له الخير والسعادة وأن يحميه ويحمي أسرته من كل شر، واندهشت لهذه المرأة كيف لها أن تتحدث بكل هذا الصدق والصراحة، فقد أثارت فضولها لتعرف قصتها، أخبرتها أن الطبيب الكريم قد أنقذ حياة أبنها من الخطر، فهو رجل طيب وحنون على المرضى، وعندما أخبرتها باسم ذلك الطبيب كانت دهشتها الكبرى، أنها تعنى زوجها.
زيارة غير متوقعه :
وفي المساء عاد الزوج إلى المنزل كعادته منهاراً من التعب ولكن هذه المرة غير كل مرة وجد زوجته في انتظاره وفي عيونها حب وحنان يكفي العالم بأسره، وعندما حاول أن يفهم ما يجرى ويسألها هل هذا بخصوص الموضوع الذي تودين التحدث معي بشأنه، ولكنها لم تخبره الموضوع الحقيقي الذي نسيته من الأساس، بل أخبرته بمدى حبها له، واعتذرت له لأنها لم تقدر تلك المشاعر الحقيقية التي بداخله نحوها، وكانت من أجمل الليالي التي عاشاها معاً، ومن بعدها وهي لم تشتكي نهائياً من عمله كطبيب.