العصفور المتمرد:
وقف عصفوران على فرع شجرة عجوز، وتحدث الأول وهو يشعر بالبرد في ذلك الشتاء، مع كثرة الرياح التي تهز الشجرة بعنف، تلك الشجرة العجوز التي ليس لديها القدرة لمقاومة الريح، وقال العصفور الأول لقد مللت من التنقل والترحال، وبناء عش لأنام فيه، وبنهار هذا العش بسبب الشتاء والبرد، وأضطر إلى بناء عش جديد على شجرة جديدة كل فترة، نظر إليه زميله وهو يقول في عتاب ألا تشعر بالرضي أبداً، هذه هي حياتنا وعلينا أن نعيشها كما هي، لقد أراد الله تعالى أن نكون طائرين لنا أن نطير في السماء، وحياتنا كلها تنقل من مكان لآخر، ولكن العصفور المتمرد لم يقتنع، وقال أتمنى لو أكون مثل هذه الشجرة ثابتة جذورها في الأرض لا تنتقل من مكان لآخر، وأنا على يقين من أنها سعيدة لهذا الوضع، وتشعر بالرضي، فقد زاد عمرها عن مائة عام في نفس المكان.
مخلوقات الله:
قال العصفور الآخر عجباً لك هل تريد أن تُسير الكون على رأيك أنت، نحن جميعاً مخلوقات الله، قد خلقنا وكل منا له طبيعته الخاصة وقوانينه التي يحيا بها، والكل لديه الرضي الكامل لما أراده الله له، نحن نتميز بأننا نحلق في السماء ونعبر الجبار والأنهار، العالم كله بالنسبة لنا خفقة جناح، رد المتمرد قائلاً أنا لست صغيراً وأفهم كل هذه الأشياء، ولكن أنا أقول أن نستقر في مكان يكون لنا هوية ووطن.
العاصفة:
بينما هما يتحدثان رأى العصفور الآخر العاصفة تقترب، لذلك قال لصديقه كفاك كلام وهيا لننطلق قبل أن تلحقنا العاصفة، إلا أن العصفور المتمرد قال بسرعة ما رأيك لو نختبئ في هذه الشجرة لتحمينا من العاصفة، ضجت الشجرة من كلامهما وضاقت بهما وبصراخهما وشجارهما لذلك اهتزت وغدت كالعاصفة، ليفرد العصفوران جناحيهما ويطيرا ليلحقا بمجموعتهما من الطيور.
الحرية:
رأى البلبل سمكة تدور وتقفز في إناء به ماء، وأندهش لهذه التصرفات من السمكة، وأراد أن يعرف ما بها، فاقترب منها وسألها ماذا تفعلين أيتها السمكة، لماذا لا تهدئين وتتوقفي قليلاً عن هذا اللعب المنهك، إلا أنها نظرت إليه وقالت وهي حزينة، سامحك الله، هل تعتقد أني ألعب وأنا سعيدة بحالي هذا، سألها في اندهاش ما به حالك، ألا تكتفين بالرضي بما أنت فيه، قالت وكيف أرضي وأعيش سعيدة وأنا في هذا الإناء الضيق الصغير، بعد أن كنت في البحر أسبح وألعب وألهو وأتحرك من مكان لمكان دون قيود أو حدود تقيدني وتشل حركتي، وهنا فهم البلبل الأمر، وقال معتذراً لها، عذراً منك أنا لم أفهم مصيبتك إلا الآن، وأتمنى أن أساعدك ولكن لا أعلم كيف ذلك، فإن الإناء صغير ولا يمكنني أن ادخل فيه لأنقذك، قالت السمكة في حزن أكثر يا ويلي هل سأعيش في هذا السجن بعيداً عن حريتي إلى الأبد، إلا أنه قال لها انتظري قليلاً سأطلب المساعدة، وذهب بعيداً وعاد بعد فترة ومعه مجموعة من الحمامات واجتمعت المجموعة معاً لترفع الإناء عالياً ويطيروا به إلى أن وصلوا أعلى البحر وتركوا الإناء ليسقط في الماء، وخرجت السمكة تسبح في البحر وهي سعيدة بالعودة إلى الحرية، وصاحت تشكر أصدقائها لمساعدتهم لها.
الجشع:
كانت نملة لا تعرف شيئاً في الدنيا، ولم تتعلم شيئاً، إلى أن وقعت أمامها قطرة من العسل، ولأنها لا تعرف شيء تركتها وأكملت طريقها، ولكنها فكرت أن تعود لتعرف ما هذا الشيء، وعندما تقدمت منها بحذر أردت أن تتذوقه، وعندما تذوقت العسل وجدت أن طعمه جميل، فأرادت المزيد والمزيد، ثم تذكرت أنها يجب أن تعود إلى مجموعتها من النمل قبل أن يحل الظلام عليها، ولكنها عادت مرة أخرى إلى حيث قطرة العسل ولم تكتفي بما تذوقته بل أنها دخلت بقدميها إلى العسل لتتذوقه أكثر وأكثر، ولكن عند محاولتها الخروج لم تستطيع وماتت نتيجة لجشعها وعدم الرضى.