عند النظر إلى مشكلة الإخفاق الدراسي يجب أن نلقي النظر على عامل مهم جداً في العملية التعليمية وهو المناهج الدراسية التي يتلقاها الطالب، فقبل أن نلقي باللوم على الطالب بسبب فشله يجب أن ننظر أولاً إلى ما يدرسه، فقد يكون هناك مناهج تتعدى قدرات الطالب فلا يستطيع استيعابها، لذلك فإن المناهج الدراسية عامل مهم في هذه المشكلة، وهذا السبب يرجع أيضاً إلى مدى كفاءة المنظومة التعليمية التي تعد هذه المناهج، فقد نجد أن المنظومة التعليمة لا تراعي اختلاف القدرات العقلية للطلاب، وأن ليس كل المناهج تكون سواء لدى جميع العقول، وهنا تكمن المشكلة التي تسبب الإخفاق الناتج عن عدم قدرة الطلاب على الاستيعاب بشكل كامل، وبالشكل الذي يجعلهم يتجنبون مشكلة الإخفاق الدراسي.
كما ذكرنا من قبل فإن مشكلة الإخفاق الدراسي قد ترجع على سوء المناهج الدراسية، فالعامل الأساسي في هذه الحالة هو المدرسة والمواد التعليمية التي يتلقاها الطلاب فيها، والتي تفرض على عقل كل طالب أن يفهمها ويهضمها بنفس درجة فهم وتقبل زميله الأخر لهذه المواد، وقد نسوا تماماً أن لا يوجد منهج دراسي يلاءم جميع الطلاب، فإن هناك تفاوت في العقول وكذلك تفاوت في القدرات تختلف من طالب لطالب أخر، ولكل طالب طريقته في الفهم والاستيعاب، لكننا نجد أن المدرسة تعمل على ترويض العقول وكذلك الحد من قدراتها لتتناسب مع المواد والمناهج الموضوعة فقط، وهذا عامل مهم في مشكلة الإخفاق الدراسي.
الفاشلون الناجحون:
إذا نظرنا على التاريخ منذ القدم نجد أن التاريخ يؤكد أن معظم الطلاب الذين تم وصفهم بالفشل والغباء والتخلف هم نفسهم من ابهروا العالم والبشرية بأكملها بما توصلوا إليه، وقد قدموا لنا العديد من الخدمات العلمية الجليلة، ولكنهم كانوا طلاب فاشلين في المستوى الدراسي وبالمعني المدرسي العقيم هم من الذين أخفقوا في التعليم، ونجد أن من ضمن هؤلاء الفاشلون الناجحون العالم الكبير أينشتاين، هذا العالم الفيزيائي الكبير، الذي أبهر البشرية بإنجازاته ومع ذلك فقد كان هذا العالم راسب في الدراسة، ومن الأمثلة الأخرى أيضاً العالم إديسون وأيضاً غيره العديد من العلماء والمفكرين والمبدعين حول العالم، وأيضاً إذا نظرنا إلى رجال التكنولوجيا في العصر الحديث الحالي سنجد أن معظمهم كانوا فاشلون في الدراسة لكنهم تحولوا إلى عباقرة يشهد بهم التاريخ على مر عصوره، وتركوا بصمتهم التي لا يستطيع احد أن ينكرها وأصبحوا عامل مهم في التقدم الذي يحدث في البشرية.
وسيلة التقييم:
بعد ما تم ذكره فمن الغباء أيضاً أن نأخذ من الدرجات في الامتحانات والعلامات الدراسية العقيمة وما إلى ذلك وسيلة لتقييم المستوى الفكري لدى الطلاب، وهذا المثال يظهر بوضوح جدا في مصر، وذلك بالتحديد في النموذج المصري لتعليم الثانوية العامة، هذا النموذج الذي ظهر واضحاً جداً وحقق فشل تاريخي في تاريخ التعليم حول العالم، وربما أيضاً يمكن إدراج تلك المنظومة الفاشلة في موسوعة جنيس في الطرق التعليمية الأكثر تخلفاً على الإطلاق وبدون منافس.
فمن المعروف حول العالم بأكمله أن التعليم الذي لا ينمي الفكر والعقل والقدرات ويغذي العقل بالعديد من المهارات الجديدة، لا داعي من الأساس من تضييع العمر والوقت والجهد والمال في مثل هذا النوع من التعليم، ونجد أيضاً أنه لكي نحكم على صلاحية منظومة أو مؤسسة تعليمية من مجتمع إلى مجتمع أخر، لابد أن ننظر إلى الطلاب، وكذلك معرفة ما إذا كان هؤلاء الطلاب يذهبون إلى المدرسة نتيجة حبهم لها، أم أنهم يذهبن إلى مدارسهم رغماً عنهم، حيث أن هذا يعتبر عامل مهم، وذلك لأن هناك العديد من المجتمعات التي تفرض علينا الذهاب إلى المدرسة والحصول على الدرجات العالية فقط من أجل الحصول على وظيفة، وهذه المجتمعات تعاملنا على أننا مجرد تروس تعمل في آلة، وليس لها عقل مفكر.
التعليم في الحياة كالماء والهواء، لكن لا داعي لهم إن كانوا ملوثين.