لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ على وجه الأرض إلا الأنبياء عليهم السلام، والطبيعة التي خلق الله عز وجل عليها الإنسان من اقتراف للذنوب والمعاصي كانت لحكمٍ عديدة منها أن نعلم أننا بشر لا ملائكة، وأن نعرف قدرنا ونعرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى: الغفور الرحيم، لأن الخلق لو كانوا معصومين فلمن تكون المغفرة والتوبة والعفو؟؟
وحين نذنب الذنب نشعر بالتقصير فيدفعنا ذلك الشعور إلى الإسراع بالتوبة، وحتى لا يأخذنا الكبر والعجب من الطاعات.. ثم إن الذنب هو الذي يلفت انتباهنا إلى مدى قربنا من الله عز وجل أو بعدنا عنه فنصلح ما بدر منا من تقصير.
والصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا معصومين من الخطأ بل منهم من وقع فيه ولكنهم تعاملوا مع أخطائهم تعاملا رائعا فصارت الذنوب دافعا لهم إلى الفرار إلى الله عز وجل والقرب منه.
- الإنسان الصالح الذي يقترف الذنب عليه أن لا يجعل الذنب هينا صغيرا في عينيه حتى لا يألفه بل لا بد من تعظيم المعصية واستشعار جرم ما اقترفت يداه .
- وكلما ازددنا تعظيما للخالق ومعرفتنا به وهيبتنا منه ومن يوم الحساب ازددنا خوفا من اقتراف الذنوب.
- ولا يغيب عن أعيننا أمر العقوبة والجزاء المعجلة في الدنيا والمؤخّرة في الآخرة هذا يدفعنا إلى التوبة الفورية لكل ذنب أو معصية.
- كل معصية لها مقدمات فإذا تمت توبتك من معصية ما فابتعد فورا عن مقدماتها وعن الأماكن التي تؤدي إليها حتى تثبت توبتك وتضمن عدم انتكاساتك.
- مراقبة الخواطر وحراستها لأنها الفكرة التي قد تترجم إلى عمل وأصل الفساد هو الخواطر الفاسدة التي ينميها الشيطان، ومن فضل الله وكرمه علينا عدم محاسبتنا على تلك الخواطر وإلا كانت المشقة والحرج.
كيف نصلح الخواطر؟
الخواطر تنقسم إلى خواطر سيئة وخواطر صالحة فإذا ما وردت الخواطر السيئة فدورنا عدم الاسترسال فيها بالاستعاذة من الشيطان الرجيم.. ثم محاولة ملء القلب بالخواطر المفيدة النافعة.
وهناك عوامل مساعدة في إصلاح الخواطر منها البيئة التي تحوطنا إن كانت صالحة تساهم في إصلاح خواطرنا، وإن كانت فاسدة تساعد على جرنا للذنوب.
ثم مجالسة الأبرار والصالحين.
ومجالسة الصالحين لها أربع فوائد:
- تحمي الإنسان من الخلوة التي هي من أسباب تفرد الشيطان بالعبد ومن ثم الوقوع في المعاصي.
- وجود بيئة خصبة للتذكير بالله والنصح ومقاومة التقصير في حق الله.
- وجود بيئة مناسبة للتنافس في الخيرات.
- الصحبة الصالحة تساعد على إيقاظ النفس اللوامة حيث تجعلك تندم على ذنوبك إن بدرت منك وأنت في صحبتهم.
ومن أدب التعامل مع الذنب هو محوه بالاستغفار المتكرر فالاستغفار له وظيفتان وظيفة وقائية ووظيفة محو الذنوب وتنظيف القلب .
ما هي شروط الاستغفار؟
وحتى يؤتي الاستغفار ثماره لا بد له من شروط ثلاثة هي:
الإكثار – الاستمرارية – عدم الإصرار على الذنب.
ومواضع الاستغفار كثيرة لمن يداوم على الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل دعاء الخروج من الخلاء، وعند دخول المسجد، والخروج منه، وبعد الصلاة وفي دعاء ختام المجلس.
ومن أدب التعامل مع الذنب: إذا رأينا مذنبا فمن المنهي عنه أن نعيره بذنبه حتى لا نكون عونا للشيطان عليه ولأن عقوبة المعيّر الدنيوية هو ابتلاء الله له بما عير به غيره فالواجب حيال المذنب هو الستر والنصح لا الهتك والتعيير.
ومن فقه التعامل مع الذنب هو عدم المجاهرة به لأن الجهر بالمعصية فيها ذنبان آخران هما:
- هتك ستر الله لك فالله عز وجل سترك وأنت فضحت نفسك.
- ذريعة لمن يشاهدك أن يذنب مثلك.
هذه بعض الآداب التي علينا اتباعها عند الابتلاء بالذنب وبما أننا غير معصومين من الخطأ فالعلاج لا يكمن في اليأس والقنوط من رحمة الله وإنما تنظيف القلب بالاستغفار الدائم مع مراعاة الآداب السابقة ذكرها.