تخيل معي غرفة من أربعة جدران من الطوب، غرفة مريحة ولديك فيها ما تحتاجه ولكن لا يوجد بها نافذة، هذه الغرفة هي الحياة عادية التي نعيشها، مقبولة نوعاً ما ولكنها محدودة.
القراءة هي مثل إنشاء نافذة بغرفتك أي حياتك، نافذة يعني نسيم وبالتالي دخول الضوء للغرفة وتخيل أنك عندما تنظر من النافذة ترى الشمس مشرقة أو ربما ترى أي شيء أخر فتلك النافذة يمكنك أن تشاهد منها ما تريد، شاطئ أو سماء أو جنود على استعداد لدق ناقوس الخطر، أو صبي في مقصورة، أو امرأة جميلة مع فستان أصفر طويل، أو نمر يائس وجائع.
يمكنك أن ترى ما يحلو لك ويمكنك أن تتعلم، اختر ما تريد معرفة المزيد عنه، مجمل المعرفة في متناول يدك. وكلما قرأت أكثر كلما فًتح نوافذ أكثر في جدران الغرفة إلى أن تختفي الجدران ويتبقى لك نافذة واسعة.
والآن حزم الجنود أمتعتهم ونقول وداعاً للمرأة والنمر الجائع وللشمس المشرقة. ولتستبدل كل النوافذ بالطوب مرة أخرى أو بمعنى أخر العودة إلى حياتك، مقبولة مقيدة ومحدودة، هذه هي الحياة بدون قراءة.
القراءة أسلوب حياة، وربما تكون بالنسبة لآخرين هواية، ليس عليك أن تقرأ لأنه يجب أن تقرأ أو أن تقرأ لكي تتعلم، عليك أن تقرأ لتتمتع بالقراءة، برائحة الكتب القديمة، شعورك بالجوع عند الانتهاء من كتاب وتريد أن تتناول كتاباً أخر، الكتاب قد يشبه الحديقة أحيانا أو مخزن أو شركة أو مستشار أو عدة مستشارين، كل كتاب يقدم إليك شيء مختلف.
على صعيد آخر أعتقد أن القراءة مهمة إذا تم غرس عادة القراءة في وقت مبكر من الحياة، القراءة تطور العقل وتحافظ على العقل نشيط. القراءة مهمة أكثر تعقيداً للدماغ البشري من مشاهدة التلفزيون. فهي تقوي صلات الدماغ وتبني اتصالات جديدة.
أثناء القراءة يرتاح الجسم ويهدئ العقل وهذه نقطة مهمة لأن هذه الأيام يبدو أننا نسينا كيفية الاسترخاء وخصوصاً كيف يكون الصمت. حركة مستمرة وميض الأضواء والضجيج الذي قصف حواسنا عندما نراقب التلفزيون، أو عندما تبحث في الكمبيوتر أو تلعب لعبة إلكترونية هي في الواقع مرهقة أكثر لعقلك. ولكن عندما نقرأ، فنحن نقرأ في صمت والطباعة السوداء على صفحة بيضاء هي أقل إرهاقا لأعيننا وعقلنا من مشاهدة التلفزيون.
عندما تقرأ سوف تعلم أن هناك عالم جميل من الداخل، القراءة يمكن أن تؤدي إلى رحلات طويلة من التأمل. القراءة تخلق بداخلك الكثير من الثقة وتجعلك تمتلك جزء مما قرأته للتو، عند التحدث أمام الآخرين فإن ذلك الجزء يخرج للآخرين بشكل طبيعي، ذلك الجزء هو المعرفة التي اكتسبتها عند انتهاءك من القراءة. القراءة تنشط خيالك فمن خلال القراءة يمكنك السفر حول العالم، تنقلك نقلة سحرية أقوى بكثير من نقلة الأفلام. في نهاية كل كتاب عادةً ما تشعر بشعور حلو ومر، لأنك تعلم أن بنهاية الكتاب لابد لك من التخلي عن الشخصيات التي سرت معهم جنباً إلى جنب أثناء رحلتك بالكتاب.
بل هي وسيلة رائعة للهروب من الحياة اليومية بعد يوم طويل وشاق لمدة ساعة أو ساعتين، فهي مصدر للصفاء والحكمة والمعرفة والتنوير والمغامرة والأمل.
القراءة تتيح لك إمكانية التكيف مع أفكارك، بل والاطلاع على أفكار الآخرين، كما أنك سوف ترى الأمور من زاوية مختلفة عندما تقرأ حول نفس الموضوع لعدد من الكُتاب، فهي توفر لك طن من الأمثلة والمراجع التي يمكنك استخدامها كأداة تنوير لمعرفة أي شيء وفي أي مجال.