من قصص المعجزات التي وهبها الله سبحانه وتعالى للسيد المسيح ــ عليه السلام ــ كان مولده معجزة وآية في حد ذاتها، إذ خلقه الله
عز وجل من مريم ــ عليها السلام ــ بدون أب له. وحكمة الله البالغة في هذا الأمر، أن المولي عز وجل أراد أن يثبت لليهود الذين برعوا في ذلك الزمان في علوم الطب أن علمهم لا يساوي شيئا أمام علم الخالق سبحانه وتعالي. بدأ خلق عيسي ــ عليه السلام ــ بمعجزة كبرى، ثم أتبعها بمعجزة ثانية، وهي إنطاقه بالكلام وهو وليد، عسى أن يتفكر بنو أسرائيل في قدرة الله سبحانه وتعالى. علم الله سبحانه وتعالى رسوله عيسى ابن مريم التوراة، ثم أنزل عليه الإنجيل، ووهبه مقدرة على إحياء الموتى وإبراء الأمراض، والعلم بما يدخره الناس في بيوتهم، كان السيد المسيح يمارس تلك القدرات بإذن الله، عسى أن يؤمن بدعوته اليهود، الذين أشتهروا في تلك الأيام بنبوغهم في الطب والتداوي، لكن معجزات عيسى ابن مريم ــ عليه السلام ــ التي أعطاها الله له كانت فوق قدراتهم كأطباء ماهرين، وعلى الرغم من هذا لم يؤمن معظمهم. انتشر أمر السيد المسيح بالمعجزات التي يأتي بها أمامهم بإذن الله، فكان يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له. لم يكن للمسيح بيت يأوي إليه، وإنما يسيح في الأرض يدعوا الناس في ترحاله إلى عبادة الله ويعالج المرضى فيشفيهم بإذن الله، فيدعوهم للإيمان بالله.
مر المسيح يوما فوجد امرأة جالسة عند قبر وهي تبكي، فسألها عما بها وما يُبكيها، فقالت ماتت ابنتي ولم يكن لي غيرها، وإني عاهدت ربي أن لا أبرح موضعي هذا حتى أذوق ما ذاقت من الموت أو يحييها الله فأنظر إليها. فسألها المسيح ــ عليه السلام ــ إن كانت ترجع إلي بيتها إن نظرت إليها، فوافقت المرأة وعاهدت عيسى ابن مريم على ذلك.
ازدادت كراهية اليهود للسيد المسيح ــ عليه السلام ــ وكان من أغلظهم قلبا وأكثرهم كراهية لعيسى ابن مريم، يهودي يعيش في دمشق اسمه بولص، كان يتعقب كل من يؤمن بالمسيح فيعذبه ثم يقتله. وكان من بين المؤمنين رجل دمشقي صالح يسمى حننيا، فخاف من بطش بولص فهرب إلى الجبال يتخفي فيها، عرف بولص أن السيد المسيح ينتوي زيارة دمشق، فقرر الخروج إليه لقتله. فجاء ملك مُنزل من السماء ــ من عند الله ــ وضرب وجه بولص فأعماه، ركع بولص أمام المسيح وبكي واعتذر عن قصده بالسوء تجاه رسول الله وأعلن إيمانه بالمسيح. وحينها سأله بولص أن يدعه الله له ليرد عليه بصره. فرد عليه عيسى ــ عليه السلام ــ اذهب إلى حننيا، فدعى الله أن يرد على بولص بصره، فرد الله سبحانه وتعالى عليه بصره بقدرته وعظمته.
اشتدت عداوة اليهود للسيد المسيح ــ عليه السلام ــ فبيتوا النية على قتله والتخلص منه بعد ازدياد عدد أتباعه، أوحى الله إلى الرسول بأنه سيتوفاه ثم يرفعه إلى السماء. حينها كان اليهود يبحثون عن عيسى ــ عليه السلام ــ في كل مكان، فأرشدهم على مكانه أحد الحواريين يُقال له ” يهوذا كريايوطا ” مقابل ثلاثين درهما، ثم هجم اليهود على المكان وأخذ من أُلقي عليه شبه السيد المسيح، فعذبوه ثم صلبوه بعد إلقاء الشوك والنفايات عليه، حينها شعر ” يهوذا كريايوطا ” بمدى الجُرم الذي إرتكبه، فقتل نفسه.
جلست السيدة البتول مريم بنت عمران ــ عليها السلام ــ تحت الرجل المصلوب الذي حسبته ابنها، تبكي حزنا وألما، حينها جاءها سيدنا جبريل ــ عليه السلام ــ يخبرها أن الله سبحانه وتعالي قد رفع السيد المسيح إلى السماء وطهره، وأن المصلوب هو شبيه سيدنا عيسى.