كان أبو بكر الرازي عالماً من طراز فريد، قد برز في جميع فروع العلوم، فهو يعتبر علامة عصره وظلت مؤلفاته مرجعاً للعلماء والدارسين فيما بعد خاصةً المهتمين بمجال الطب وظلت تدرس مؤلفاته هذه في جامعات أوروبا على مدى سنوات طويلة جداً، فقد كان ذكياً ورءوفاً بأي مريض وكان يجتهد في علاجه وإتمام شفاءه بقدر ما يستطيع ودائماً ما كان يبحث في خبايا الطب والكشف عن أسراره وحقائقه حتى أُطلق عليه اسم »أبو الطب العربي«.
أبو بكر الرازي [أبو الطب العربي]:
هو أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي، ولد عام ثمانمائة وأربعة وستون ميلادياً بمدينة (الرِّي) وعُرف عنه منذ صغره بحبه للعلم واهتمامه بالعلوم، فلم يكن يتوقف عن القراءة والكتابة والتجارب العلمية، وعُرف بذكائه الشديد أثناء فترة دراسته، فهو يتميز بسرعة الحفظ والفهم مما ساعد على تكوين شخصيته التي تتميز بالذكاء وسرعة البديهة، وكان ملماً بعلوم الأرض فاتجه إلى بغداد لدراستها، ولكنه كان أميل إلى دراسة الطب وهو ما أخذ يركز عليه خلال بعثته التعليمية هذه وقد أخذ دراسة الطب عن أستاذه علي بن زين الطبري، فقد كان أبو بكر عالماً تقياً ومحباً للعلم والعلوم، ولوفرة علمه سُمى بالموسوعة.
الألقاب:
لُقب أبو بكر بألقاب كثيرة تعكس وتدل على قيمته العظيمة وعبقريته أيضاً في مجال أبحاثه وإنجازاته وأعماله التي لا تقدر بثمن والتي كانت سبباً في نل البشرية نقلة كبيرة جداً بشكل عام وفي مجال الطب خاصةً، ومن بين الألقاب التي لُقب بها أبو بكر مثلاً [جالينوس العرب – أمير الأطباء – أبقراط العرب – منقذ المؤمنين].
رئيس أطباء:
عمل أبو بكر الرازي في مستشفى العضد عندما تم تأسيس مدينة العضد عمل فيها كرئيس أطباء ولكن بعد فترة قصيرة جداً ذاعت شهرته في جميع أنحاء البلاد وتوجه إليه طلاب العلم من بغداد حتى يأخذوا العلم والمعرفة منه وأصبح في ذلك التوقيت من أهم علماء الطب واتخذوه مرجعاً طبياً يرجعون إليه في الحالات الصعبة، وقد لقبوه بـ »جالينوس العرب« في هذا الوقت، توسع علمه بعد ذلك وتعدد في مجالات كثيرة وأيضاً كثرت إنجازاته فمنها مثلاً أنه أول من عالج الخراج بالخزام، وهو أول من استخدم أوتار العود في خياطة جروح البطن، أيضاً هو أول من أدخل الملينات في علم الصيدلة وأيضاً بين ووضح أن الحمى هي عرض مرضي وليس مرضاً.
النزيف الشرياني:
كذلك يعتبر هو من أوائل من استخدم الربط حتى يوقف النزيف الشرياني، وأول من فرق بين النزيف الشرياني والنزيف الوريدي كذلك هو أول من استخدم الضغط بالأصابع حتى يوقف النزيف الوريدي وكل هذه الأعمال هي المتبعة في الطب الحديث الآن، أما في تجاربه فقد اعتمد فيها على القردة فكان يعطيها بعض الأدوية والمواد الكيميائية ويقوم بعمل التجارب عليها ويراقب حالتها ويقوم بتسجيل ملاحظاته ومشاهداته، أيضاً هو من اكتشف حمض الكبريت في مجال الكيمياء.
مؤلفات الرازي:
بلغت مؤلفاته وكُتبه مائتان وواحد وسبعون كتاباً منوعة ما بين مجال الطب ومجال الكيمياء والعلوم الطبيعية ومجال الرياضيات والمنطق والفلسفة وأيضاً مجال العلوم الدينية والفلك، ومن أشهر كتبه التي قام بتأليفها كتابه الشهير »الحاوي في علم التداوي« و »الكافي في الطب«، أيضاً نجد كتاب »المنصوري« في الجدري والحصبة، وأيضاً »كيفيات الإبصار« و »هيئة العالم«، كذلك كتاب »الأسرار في الكيمياء« المرجع الأساسي الذي اعتمدت عليه مدارس الغرب والشرق لفترات طويلة كذلك »الحجر الأصفر« و »المدخل إلى المنطق« و »المدخل التعليمي« وغيرها، كما وأنه يُعد من أعظم العلماء الإسلاميين والذي شُهد له بالعبقرية والابتكار وعظمة الإنجازات فقد شهد له كل من في الغرب والشرق من علماء.
وفاة أبو الطب العربي:
أبو بكر في نهاية حياته كان يُعاني من ضعف بصره بشكل كبير مما أدى في النهاية إلى إصابته بالعمى، إلى أن توفى في شهر نوفمبر عام تسعمائة وثلاثة وعشرون وتم دفنه بقرية »راي«.