من المعروف أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أفضل الخلق بعد الأنبياء والرسل، فمنهم المهاجرين ومنهم الأنصار رضي الله عليهم أجمعين، وقد جاهدوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزواته وأثبتوا للأمة الإسلامية قوة إيمانهم، ومنهم سيف الله المسلول سيدنا (خالد بن الوليد) رضي الله عنه.
إسمه كاملاً :
(خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهلا بن مالك بن قريش بن كنانة)، ويلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في النسب في الجد السادس للرسول، صحابي محب للجهاد في سبيل الله، ولكن لم يحظى به ولكن توفي على فراش الموت.
صفته الخَلقية :
يتميز سيدنا خالد بطول وجسم عظيم، ولون بشرة مائل إلى البياض، ذو لحية كثة، وكان شبيه سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنهما.
إسلامه:
تأخر إسلام (خالد بن الوليد) إلى العام الثامن من الهجرة، وقد أسلم أخوه (الوليد) قبله، وعندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة لأداء عمرة القضاء، سئل الوليد على خالد، فقال: يأتي به الله، فقام الوليد بالبحث عن خالد ولم يجده فترك رسالة له ليعرض عليه الإسلام، فقرأها خالد، وكان يفكر في الإسلام.
ثم سافر خالد من مكة إلى المدينة مع بعض أصحابه في يوم أول صفر في العام الثامن من الهجرة، وعندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالنبوة وبايعه، وإستغفر على ما فاته من الذنوب، ففتح الله على قلبه وأسلم.
بعد إسلامه وسبب التسمية بسيف الله المسلول:
شارك الصحابي الجليل في غزوة مؤتة وهي أول غزواته، و حمل الراية وقتها بعد قتال عدد من الصاحبة الأخيار، و قد عرض ثابت بن أرقم خالد فرفضها ثم قال له ثابت خذ الراية فأنت أدرى مني بالقتال، فأخذها وأنقذ الله به المسلمين وقتها، وقد جاهد جهاداً شديدأ حتى إنقطع في المعركة في يد خالد تسعة سيوف، وقد سمي بهذا الإسم لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث في صحيح البخاري (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ -وعيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان-، حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ.)
خالد بن الوليد وحروب الردة
بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أمره سيدنا أبو بكر لقتال المرتدين عن دين الإسلام، فقاتل بجيشه عدداً من مدعين النبوة مثل مسيلمة الكذاب، وسجاح المرأة التي إدعت النبوة، حيث دارت معركة بين جيش خالد وجيش مسيلمة، وإنتهت بفوز جيش خالد رضي الله عنه وقتل مسيلمة.
خالد بن الوليد وفتح بلاد فارس
بعد الإنتهاء من فتنة الردة، شق أبو بكر الصديق طريقه إلى مدينة البصرة بالعراق لتأمين مداخل الدولة الإسلامية من هذه الناحية ضدد الفرس، بقيادة سيف الله المسلول حيث حقق عدة إنتصارات على الفرس، وظل يقاتل هو وجيشه حتى فتح أغلب مدن العراق، وما تبقى إلا مدينة “الأنبار” التي كانت محصنة حصناً شديداً، وبدهاء وذكاء سيدنا خالد أمر جنوده برمي الأعداء في عيونهم بالسهام، وأمر بذبح الإبل المريضة ورميها في ممر ضيق حتى جعلها جسراً يعبرون من خلاله إلى داخل الأنبار، وما وجد قائد الفرس إلا الإستسلام الفوري أمام سيف الله وجنوده، وفتح أيضاً مدينة “عين التمر” التي كانت أسرع هزيمة بالتاريخ.
دوره في فتح بلاد الشام :
بعد نجاح خالد في فتح العراق، أمره أبي بكر بفتح بلاد الشام وفك حصار بعض المسلمين هناك، فقام بتجميع جيش المسلمين، وجعله عدة كتائب أو كراديس، ووضع على رأس كل عدة كراديس قائداً من قادة المسلمين، فمن ضمن القادة كان “عمرو بن العاص” و “أبو عبيدة بن الجراح” و”عكرمة بن أبي جهل” و “القعقاع بن عمرو”.
وتوفى “أبو بكر” قبل بدأ المعركة وتولى “عمر بن الخطاب” الخلافة وأمر “أبو عبيدة” بقيادة جيوش المسلمين بدلاً من “خالد” خشية من وقوع فتنة لظن الناس بأن النصر لا يأتي بدون “خالد”، وبعد فوز ونصر المسلمين في المعركة التي وقعت في وادي اليرموك، تولى “أبو عبيدة” قيادة الجيش وإنضم “خالد” ضمن صفوف المسلمين كجندياً لا قائداً، وهذا لم يؤثر عليه لأن غايته الأولى كانت الجهاد والقتال في سبيل الله.
وكان “خالد” يتبرك بشعرة من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان قد في حجة الوداع عندما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه الشريفة، وكان يضع الشعرة في مقدمة قلنسوته، حتى أنها وقعت في يوم اليرموك، وظل يبحث عنها هو والناس، حتى قال إني أتفائل وأتبرك بها لأن بها شعرة من شعر رسول الله.
شخصية قيادية عسكرية:
كان يتميز بذكاء ودهاء حاد في معاركه وفتوحاته حتى أن المسلمون كانوا يستخدمون تكتيكاته وخططه العسكرية في معاركهم، فعلى سبيل المثال كان يستخدم طريقة الهجوم على قادة الأعداء للتأثير على نفسية باقي الجيش، وتكتيك الكماشة الذي يقوم بحصار جيش الأعداء من الأجنحة، حتى يمنع عليهم الإمدادات، وطريقة الهجوم المفاجئ الذي يقوم بالهجوم على الأعداء في ظلمة الليل للقضاء عليهم.
وفاته:
قيل أنه توفي بحمص في سوريا عام 21 هجرياً من عام 642 ميلادياً، وكان سيف الله حزيناً على فراش الموت لأنه كان يريد أن ينال الشهادة في سبيل الله، حيث ملأ الدنيا قتالاً وخاض معارك عدة قيل أنها مائة معركة، وفي حمص مسجد كبير له يزعم البعض أنه مدفون هناك.