عندما نسمع أسم ( طارق بن زياد ) أول ما يخطر على بالنا هو فتح الأندلس والعكس صحيح، فطارق بن زياد هو القائد الأموي المسلم الذي على يديه قامت دولة للمسلمين في بلاد الأندلس المعروفة الآن بإسبانيا والبرتغال، والتي سميت فيما بعد ” بالأندلس ” وضمها إلى الدولة الأموية، فمن هو طارق أبن زياد؟؟ وكيف قام بفتح الأندلس؟؟ .
مولده ونشأته :
ولد ( طارق بن زياد ) عام 50 هجرية، وهو من المغرب العربي
الأوسط، ويقال أنه من أصل أمزيغي بربري ويقول البعض الآخر
أنه من أصل عربي ويرجح أنه أمزيغي .
نشأ طارق بن زياد مثلما ينشأ الأطفال المسلمون، فتعلم القراءة والكتابة وحفظ سورا من القرآن الكريم، كما حفظ بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ساعده حبه للجندية في أن يلتحق بجيش ( موسى بن النصير ) أمير الغرب، وأن يشترك معه في الفتوحات الإسلامية، وأظهر شجاعة فائقة في القتال، ومهارة كبيرة في القيادة لفتت أنظار ( موسى بن النصير )، فأعجب بمهارته وقدراته، وأختاره حاكما على ( طنجة ) المغربية التي تطل على البحر المتوسط .
الفتح الإسلامي للأندلس :
بعد نجاح ( طارق بن زياد ) في إثبات كفاءته العسكرية في المعارك، والسيطرة على منطقة المغرب الأقصى امتداد النفوذ الإسلامي إليها بالكامل، كان يراود ( طارق بن زياد ) حلم عبور مضيق جبل طارق وفتح الجزيرة الأيبيرية، ونشر الإسلام فيها بعد أن ينتصر على
مملكة القوط باعتبارها المسيطرة على شبه الجزيرة الأيبيرية في ذلك
الوقت .
لم يرفض ( موسى بن النصير ) هذه الفكرة وكان أول المشجعين لها،ولكن كان لابد من أخذ موافقة الخليفة الأموي في دمشق، فأرسل
( موسى بن النصير ) قوة عسكرية على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة وعاد محملاً بالغنائم، فحصل ( موسى بن النصير ) على الموافقة من الخليفة الأموي وأمر ( طارق بن زياد ) بتنفيذ الفتح .
تحرك ( طارق بن زياد ) بجيشه المكون من حوالي سبعة آلاف رجلاً، في الخامس من رجب عام 92 هجرية، واستطاعوا أن يعبروا مضيق جبل طارق الفاصل بين شمال إفريقيا وشبه الجزيرة، لكنهم اصطدموا ببعض الجنود من جيش مملكة القوط، غير أنهم انتصروا عليهم وسيطروا على الموقع الذي كانوا يتمركزون فيه .
أقام ( طارق بن زياد ) عدة أيام بجيشه في قاعدة الجبل حيث قام بتنظيم جيشه وتدريبه، وأعد خطة لفتح القلاع والحصون، وبالفعل نجح في فتح بعض القلاع والحصون والمدن مثل ( قرطاجنة )،
( الجزيرة الخضراء ) .
وصل إلى ( لذريق ) أخر ملوك القوط خبر تقدم جيش ( طارق بن زياد ) وعبوره لمضيق جبل طارق، فقام بجمع جيشاً كان تعداده حوالي مائة ألف مقاتل وتحرك لقاتلهم، وعندما علم طارق بن زياد أدرك أنه لن يستطيع أن يقابل جيش ( لذريق ) بعدد الرجال الذين معه، فأرسل رسالة إلى ( موسى بن النصير ) يطلب منه جنود، فأرسل له
( موسى بن النصير ) خمسة آلاف جندي .
تقابل الجيشان عند وادي ( لكة ) إحدى أنهار جنوب أسبانيا، وبعد معركة قاسية وطويلة استطاع جيش ( طارق بن زياد ) أن يهزم جيش لذريق، بل قتل ( لذريق ) نفسه على يد ( طارق بن زياد ) بعد أن رمى برمحه عليه .
أستطاع ( طارق بن زياد ) بذلك العبور بجيشه بسهولة، وفتح عدداً من المدن مثل ( قرطبة وإلبيرة )، وأستطاع أن يفتح ” طليطلة ” عاصمة مملكة القوط، وأصبح ( طارق بن زياد ) حاكماً على الأندلس، وفي شهر رمضان من عام 93 هجرية أتى ( موسى بن النصير ) ومعه جيش قوي، وواصلا فتح المدن حتى استطاعوا أن يسيطروا على
شبه الجزيرة بالكامل .
مماته :
توفي ( طارق بن زياد ) عام 101 هجرياً في دمشق، بعد أن انقطعت أخباره إثر وصوله إلى دمشق مع ( موسى بن النصير ) .
لقد كان ( طارق بن زياد ) قائداً عظيما، إستطاع بإيمانه وصبره وعزيمته وإصراره أن يصل إلى هذه المكانة العظيمة، وأن ينجح في هذه الانتصارات ، كما كان مؤمناً صادق الإيمان على يقين بنصر الله حتى في أحرج الأوقات .