مَدْيَن يطلق على اسم قرية عربية في أرض مَعَان في الأردن تقع على أطراف الشام من ناحية الحجاز قريبة من بحيرة قوم لوط سمّيت بمَدْيَن نسبة للقبيلة التي سكنتها، وهم ذرية مَدْيَن بن إبراهيم عليه السلام، هذه القرية كانت مليئة بالخيرات التي وهبها لهم الله، فكانت مليئة بالزرع وأشجار وأنهار وميّزها عن دونها من القرى المجاورة.
ولكن أهلها كانوا كُفار يعبدون غير الله، وكان فيهم صفة ظاهرة وهي أنهم يحتالون في المكيال غش مُلفت للنظر وفيه مبالغة وتبجّح، ربنا وصفهم بهذه الصفة تحديداً في القرآن ” وَلاَ تَنقُصُواْ المكيال والميزان إني أَرَاكُمْ بِخَيْر” ٍ )آية 84 : سورة هود(
فالكيل هو مُعادلة شيء بشيء فإن كنا نعادل بين شيئين عن طريق مُقارنة الوزن، فسوف نحتاج إلى ميزان، بينما لو كنا سنعادل الشيء بالشيء من حيث الكمية فسنحتاج إلى مكيال ) يعني وعاء من خشب أو حديد يُستخدم لكيل السوائل أو المواد الجافة أو الصلبة (وهذا يعني أن الميزان والمكيال من أدوات الكيل.
سيدنا شعيب كان من أهل مدين، وكان أهل مدين يتبعون الوثنية ويعبدون الأصنام ولكن سيدنا شعيب كان عاقلا وواعيا، فكان مدركا أن المنطق يتنافى مع كون الحجارة تصبح آله للعبادة والتقديس، وقد أختاره الله لتبليغ الرسالة لأنه يتميز بالعقل والرشاد وكان بليغ القول فصيح اللسان قوي الحجة أيضا فيقدر على إقناع قومه بالحق بما يتوافق مع العقل والمنطق و قد لُقب سيدنا شعيب ” بخطيب الأنبياء”
حيث بدأ في تبليغ الرسالة، وأختلف العلماء لمن بُعث فيهم
فمنهم من قال أنه بُعث لأهل مدين، ومنهم من تبنى الرأي أنه بُعث لأهل مدين ولأهل البادية التي تجاورهم هذا الاختلاف نتيجة لآية في القرآن تقول (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ) .. سورة الشعراء (
– الأيكة تعني شجرة عظيــمة مليئة بالأغصان والألياف المُلتفة عليها، ويُقال هي مجموعة من الأشجار أو بالأصح بساتين تتصف بالأشجار المُلتفة وطبقاً للآية فأصحاب الأيكة يعبدون الأيكة فماذا يعبد أهل مدين إذا هل يعبدون الأيكة أم يعبدون الأصنام؟
– النقطة الثانية أن الله عندما ذكر أهل مدين قال إن سيدنا شعيب أخاهم، بمعنى إن بينهم صلة نسب وقرابة وإنه من نفس القبيلة (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ) ..(آية 84 : سورة هود)
لكن حين ذكر أصحاب الأيكة لم يستخدم نفس الرابط فلم يقل “إذ قال لهم أخوهم شعيب ألا تتقون”
ومن هنا كان اختلاف العلماء :
- الطبري والسعدي وابن كثير فسروا أن أصحاب الأيكة هم أنفسهم أهل مدين وإنهم كان جزء منهم يعبدون الأيكة والجزء الثاني يعبد الأصنام،وفصّل ابن كثير قوله بأن الله لم يربط سيدنا شعيب بهم في هذه الآية الكريمة لأنهم كانوا منسوبين فيها لعبادة الأيكة بينما في آية أهل مدين كانوا منسوبين إلى قبيلة مدين التي كان ينتمي سيدنا شعيب لها أيضا. وكان ربطه بهذا النسب مع هذه القبيلة لا يحمل أي إساءة للنبي الكريم، فرب العالمين ربط بينه و بينهم ووضح علاقة النسب التي تجمعهم بلفظ ” أخاهم “.