الغاية من إنزال القرآن الكريم هو تفهم الآيات وتدبر معانيه، لا لكي نقرأه بدون فهم ولا وعي ولا تركيز في معاني الآيات، وهي من أعظم ما يتقرب به إلى الله، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نجتمع في المسجد ونتعلم ونتدارس القرآن الكريم.
ويمكن الاعتماد على التدبر والتفكر من خلال كتب التفسير الميسرة، ولمكانة تدبر القرآن كانت قرآه القرآن على مكث، ويسر الله القرآن الكريم للفهم، وكان نزول القرآن بلساننا لنعقله، وشرع ترتيل القرآن، وينبغي الخشوع عند قرآه القرآن، وكانت القراءة مع التدبر أفضل وأكمل من كثرة القراءة من غير تدبر.
بمعنى أنه لو شخصاً ما قرأ صفحة بتدبر وتفهم، أفضل من 5 صفحات بدون تفكر وتفهم، بل قد تكره قراءة القرآن الكريم بدون تدبر، ولهذا منع من إقراء القرآن الكريم في اعتكاف رمضان، ولهذا مُنع المسلم من الصلاة وهو محتاج إلى النوم، وعلى هذا جاءت فتوى تحريم استعمال رنات المحمول كآيات للقرآن الكريم. وعلى هذا فإن المؤمن دائم التفكر والتفهم في معاني القرآن الكريم وتدبر ألفاظه، وهذا حال التدبر في القرآن كله.
ثمرات تدبر القرآن الكريم
أن متدبر القرآن الكريم يحصل له اليقين بأنه من عند الله، ومنها زيادة الإيمان بتدبر القرآن الكريم، ومنها أن في القرآن الكريم زيادة الهدى والعلم الذي يحصله العبد بتدبره، ومن ثمراته أيضاً انتفاع القلب من قراءة القرآن الكريم بالتدبر، وهناك ثمرات أخرى كثير لتدبر القرآن الكريم.
والتدبر هو التأمل والتفكر في آيات كتاب الله بغرض التذكر والإتعاظ، والهدف هو إنتاج نظرات تدبرية جديدة، وتدبر القرآن حق لكل إنسان في كل حال، وليس المقصود هو أن يكون كل مسلم كمالك وبن حنبل في استنباط الأحكام، وإنما خلاصة الأمر في ستة ضوابط تحقق لك الأمان في تدبر وتفهم القرآن الكريم وهي:
التدبر فيما طوي عنا علمه، وفيما خفي عنا علمه، والذي يخالف سياق الآية، والذي يعارض تفسير السلف، والذي يخالف نصاً شرعياً، والذي يأتي بجديد في الدين كل ذلك مردود. وأما أن يُمنع الناس تماماً فلا، لأن القرآن نزل تبياناً لكل شيء، وما نزلت بالعبد نازلة إلا وفي كتاب الله بيان لها، ولا يحول بين العبد والقرآن الكريم ما وقع فيه المعاصي بل ولا حتى الكفر والنفاق.
ومع ما ذكرنا في الحاجة الشديدة للقرآن، والتقصير الشديد في حق القرآن، فإن بعض الناس يعرضون عن تدبر القرآن الكريم، وهذا الإعراض عن تدبر القرآن الكريم هو سر تأخر مُسلمةِ هذا الزمان على رغم وفرة المصاحف، مع أنه ليس للتدبر من شرط إلا أن يكون المتدبر عربياً، لأن أكثره بفضل الله واضحاً للعامة والخاصة، وإن كان الناس يتفاوتون في الاستفادة من القرآن الكريم بحسب علمهم وحال عقولهم وحال قلوبهم.
ونحن نعلم بأنه لا يصلح حال آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فيجب الاهتمام بتفهم معاني القرآن الكريم والبعد عن قراءة القرآن دون فهم لمعاني الآيات الكريمة، وهذا حال لمسلم في كل وقت وحين، حيث لا يكون همك هو ختم القرآن في مدة قصيرة وفقط، بل يجب الاهتمام بتدبر وتفكر المعاني أولاً، لأن المقصود هو فهم كلام الله جل وعلى من الأوامر والنواهي.