تحولت القبلة في أي الصلاتين هل هي في صلاة العصر أو في صلاة الفجر وقيل في ذلك جملة من الأقوال والذي يظهر أن القبلة تحولت عصراً لأن رجل صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج فأتى قوما يصلون في المسجد كما في حديث البراء بن عازب فأخبرهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تحول إلى الكعبة فتحولوا ولذلك اصبحت القبلتين مزاراً ومكاناً للسياحة، أما أهل قباء فهم على نحو من البعد عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمكن أن يكون تأخر معه الخبر فلم يبلغهم خبر تحول القبلة إلا صباحاً فجاءهم الجآئى المخبر بتحويل القبلة وهم يصلون الصبح فتحولوا ولذلك اصبحت القبلتين مزاراً ومكاناً للسياحة لأسباب مختلفة.
فوائد الحديث في السياحة :
هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فؤاده أنه كلما صدق المؤمن في إيمانه انقاد لحكم الله دون تردد وهذا يا إخوان قاعدة كل ما عظم إيمان العبد لم يملك إلا أن يقول سمعنا وأطعنا ولذلك اصبحت القبلتين مزاراً ومكاناً للسياحة.
حالات أخرى في السياحة :
أما الذي في إيمانه دخل او في يقينه ضعف أو في قلبه مرض أو ريب فهذا يتردد يتقدم أو يتأخر ويورد عليه الشيطان من الإيرادات ما يجعله في حيرة لا يدري أيقبل أم يرد بل حتى إذا أقبل ففي نفسه من الحرج والضيق ما لا يطمئن معه بحكم الله عز وجل وحكم رسوله، أما المؤمن فإنه ينقاد لحكم الله ولا يجد في صدره أدنى حرج من قضاء الله تعالى وشرعه.
نزول الآيات لتصبح مكاناً للسياحة الدينية :
ولذلك يقول الله جل وعل في محكم كتابه ولذلك اصبحت القبلتين مزاراً ومكاناً للسياحة لنزول الآيات فيها (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) فلا يجدون أدنى حرج مما قضيت أي مما حكمت به ويسلموا تسليماً فهؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم لم يتأخروا ولم يتباطؤوا في قبول الخبر بل مباشرة تحولوا وهم في الصلاة ولذلك اصبحت القبلتين مزاراً ومكاناً للسياحة وهذا وقع في حادثتين : في حادثة حديث البراء ما جاء الرجل فأخبر القوم وهم يصلون العصر، وفي حادثة أهل قباء لما جاءهم الخبر وهم في صلاة الصبح في كلا الحالين توجهوا وهم في الصلاة.
وفيه من الفوائد أن هؤلاء ممن ذكاهم الله عز وجل ورفع منزلتهم بأنه شهد لهم بإتباع الرسول ولذلك قال جل وعلا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ وقال جل وعلا إلا لنعلم أي العلم الذي يترتب عليه الإثابة والجزاء والعطاء، فالعلم علمان :
علم سابق لكل الحوادث والوقائع فعلم الله سابق للوقائع والحوادث فما من حادثة ألا وقد سبقها علم الله عز وجل إذا كان كذلك فما معنى قوله إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه.
قال بعض العلماء هذا العلم علم الظهور أي العلم الذي يظهر به للناس أسباب الإثابة والعقاب، وقال آخرون بل العلم هنا المقصود به العلم الذي يطابق ما سبق ويترتب عليه المؤاخذة من عدمها وهذان قولان قد يكونوا في بادى الرأي بينهم تقارب إلا أن العلم الذي أراده الله عز وجل بقوله ليعلم ليس علما مخالفا لما سبق إنما هو لإظهار صدق علمه ولأنه العلم الذى يترتب عليه الثواب والعقاب يعني لو لم يجري ما جرى من الحوادث لم يتبين موجب عطاء الله عز وجل و إثابته ولم يتبين موجب عقوبته للعاصين المتخلفين لكن لما جاءت هذا الحوادث تبين ذلك وظهر وترتب على هذا العلم الإثابة والمعاقبة وفي الحديث من الفوائد أن من استقبل الكعبة أو توجه إلى جهة يظنها الجهة التي اُمر بالتوجه إليها على الاجتهاد ثم تبين له خطأ اجتهاده فإنه يتحول إلى الجهة التي اُمر باستقبالها دون أن يستأنف الصلاة من أولها هذا شريطة أن يكون قد استقبل بناء على اجتهاد أما إذا كان بناء على خطأ فإنه يستأنف الصلاة من أولها.