كثر الحديث في عصرنا الحديث عن حقوق الإنسان, رغم ما تعانيه بعض القبائل والشعوب من التشرد والذل والتحيز للمعتدين, ناكرة لقيم الحق, والعدل والإنصاف. إن المسلمين الذين يواجهون كل هذا العدوان على القيم الإنسانية هم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم, الذي رد للإنسان كرامته وإنسانيته وحقه, وعمل جاهدا على التسوية بين الغني والفقير والقوي والضعيف, وأعطى للناس حقوقهم وحررهم من العبودية والذل. فالإسلام هو دين الأخلاق والحقوق بامتياز. فكم كرم أقواما وأعطى للبشر مكانتهم المحكومة.
الحق في الحياة: هذا الحق رد لأقوام حريتهم المسلوبة, وأعطاهم قيمتهم الممتهنة, وخلصهم من الظلم وأشعرهم بدورهم كبشر, وقد أعلن الإسلام أن لا فرق بين عربي أو عجمي ولا ابيض أو أسود إلا بالتقوى, والعمل الصالح. والله لا ينظر لصورنا, وأجسامنا, ولكن ينظر لأعمالنا وتقوانا. فالإسلام هو من أعطى للإنسان كرامته وحقه في الحياة.
“يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير.”
رفض نزعة التعالي: الإسلام يرفض نزعة التعالي, فقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن الله وحده هو الذي تخضع له الرقاب والجباه. والناس جميعا أمام الحق سواء, لذا لم يسمح رسول الله صلى الله عليه وسلم بتواجد نزعة التعالي والعنصرية في المجتمع الإسلامي وساد فيه التسامح, والعدل والكرم.
عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي أبا ذر الغفاري, رضي الله عنه يعبر أخر بسواد أمه, بدا عليه الغضب الشديد, وقلما كان يغضب, وقال له مقرعا ومعبرا عن ضيقه بهذه النزعة المقيتة:” طف الصاع إنك امرؤ فيك جاهلية ليس لابن البيضاء على ابن السواد فضل”.
ونزل قوله تعالى:” يأيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم, ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان, ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون”
عندما طلب بعض الزعماء من نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم, أن يجعل لهم مجلسا خاصا بهم لا يشاركهم فيه الضعفاء والفقراء, نزل القرءان الكريم ينهى عن الاستجابة لهم, ويطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم, أن يصبر نفسه على الجلوس إلى الضعفاء والفقراء, لأن نزعة التعالي هذه يمقتها الإسلام, ويؤكد دوما الأخوة الإنسانية العامة.
يقول تعالى:” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدوا عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا”
سمو واستقامة: لم تعرف الدنيا مثلا في سمو الأخلاق واستقامة السلوك, كالنبي صلى الله عليه وسلم, بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء, فحسن معاملته, وحسن سريرته كانت سببا في دخول الكثير للإسلام, لما رآه من سمو أخلاقه صلى الله عليه وسلم,” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”
الطهر والنقاء: حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بها ملامح عظيمة, لم تعرف البشرية مثلها عن طهره ونقاءه, التي تتجسد بأفعاله وتصرفاته وأقواله.
الرحمة المهداة: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
أرسل الله نبيه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور من ظلام الشرك إلى نور التوحيد, فأصلح العقائد, والأخلاق والسلوك والمعاملات, وحمى الضعفاء وألجأهم…
فهذه هي الحقوق الحقة والأخلاق الطيبة, للإسلام والدين الحنيف.