بيت صغير:
هو بيت أميرة، وهي فتاة تعيش مع أهلها في غير موطنها، حيث عمل والدها يضطره هو وعائلته إلى الترحال من مكان لآخر، ولم تجد أمامها سوى أن تقضي أوقات فراغها بعيداً عن المدرسة والدراسة على جهازها المفضل، فهي عاشقة للإنترنت، وأسعد أوقاتها تقضيها تتجول عبر صفحات الانترنت، وبالرغم من أنها جميلة وذات سن صغير فهي لم تصل بعد إلى سن السابعة عشر، ولكنها متفوقة في دراساتها، ولا تختلف عن غيرها من الفتيات سوى في قصص الحب والرومانسية التي يتكلمن عنها، فهي دائماً ما تعارض تلك القصص وتقول عنها أنها مضيعة للوقت، بينما صديقاتها البنات ترددن قليلٌ من الرومانسية لن يضر، ولكنها صاحبة مبدأ ولا تعتقد في مثل هذه الأفكار.
الصديقة:
كانت أميرة تفضل أن تتحدث مع صديقاتها عبر الانترنت، فهي لا تحب التحدث معهم على الهاتف المحمول، أو حتى على الطبيعة، وإنما الانترنت يزيدها فرحاً وسعادة، فهي تقضي أمامه معظم ساعات يومها دون أن تشعر بالتعب أو حتى يأتيها مجرد الشعور بالملل، وكانت تتصفح الكثير والكثير من صفحات الانترنت، ولكن هناك صفحات لا تدخل عليها، أنها من عينة قليلٌ من الرومانسية لن يضر، وذلك لأنها مازلت على مبدأها من أن هذا يخالف الشرع والدين، وتعتبره خيانة لنفسها ولأهلها الذين وضعوا ثقتهم الكاملة فيها، وهي عليها أن تكون قادرة على تحمل المسئولية، ولا تسبب في خذلانهم أبداً.
الإنترنت:
وظلت حياة أميرة هكذا لا شيء سوى الانترنت، وتعرفت على الكثيرات من كل أنحاء العالم، البنات فقط، فهي رافضة للصداقة الرجال، مهما كانت الأسباب، والكثيرون ممن يطلبون صداقتها عبر شبكة الانترنت ترفضهم، فهي تتحدث مع الفتيات فقط، حتى أن أحد صديقاتها حاولت أن تجعلها تفتح قلبها للحب، وتخبرها أنه نعمة من نعم الله علينا، ويجب أن يخفق القلب لمن يحب، ففي النهاية قليلٌ من الرومانسية لن يضر، ولكنها لم تستمع إليها، وتكتفي بأن الانترنت هو ما يملأ حياتها.
الخدعة:
إلى أن جاء يوماً وقد تعرفت عن طريق صديقها على فتاة عبر الانترنت، فقد أخبرتها تلك الصديقة أنها فتاة مثالية ومتدينة وقمة في الأدب والاحترام، وأنها تريد صداقتها بلا شيء يضر بها أو يؤذيها، وفي البداية تحدث معها بقليل من الحذر وبمرور الوقت اكتشفت أنها فتاة صالحة، ولا تفعل ما يغضب الله منها، واستمرت في الحديث معها، حتى صارت صديقتها المقربة إليها تخبرها بكل أسرارها وما يدور بداخلها، حتى أنها أخبرتها عن قلبها المغلق دون أن تفتحه لأحد، وأنها كثيراً ما تسخر من زميلاتها عندما يتحدثن عن الحب والأصدقاء الشباب معللين ذلك بأن قليلٌ من الرومانسية لن يضر، وكل يوم يمر يزداد تعلقها بهذه الفتاة عن اليوم السابق، إلى أن جاء يوم وتحدثت معها تلك الصديقة وهي تخبرها بسر كانت تخشى أن تخبرها به من قبل حتى لا يفترقا، أنها ليست فتاة أنها شاب سمع عنها الكثير والكثير، وعَلِم أنها ذاتها الفتاة التي يبحث عنها طوال عمره.
الصراع:
عندما سمعت منه هذه الكلمات شعرت بالكثير من الحيرة والغضب معاً، فهي غاضبة لهذه الحيلة ولكنها لا تدري ماذا تفعل، فهي لا يمكنها أن تعيش دون تلك الصديقة الوهمية، ودار الصراع بداخلها إلى أن قررت أن لا تتحدث معه مرة أخرى، فهي خيانة لأهلها، حيث أنها لا تؤمن بصداقة الشباب لها، وأخبرته بذلك، ولكنه لم يستسلم وأخبرها بأنه لن يتركها إلى أن تقتنع به، وفي النهاية اتفقا على أن يكون هو بمثابة أخٍ لها، أما هو فله الحرية في مشاعره التي لا يمكن أن تتحكم فيها.
الزواج:
وظلت أميرة تتحدث مع أخيها المزعوم عبر الانترنت إلى أن جاء يوماً وأصابها المرض، وظلت ممدة لمدة أسبوع، كانت تشتاق إلى الجلوس على جهاز الكمبيوتر، وعندما شُفيت تماماً أسرعت لترى الكثير من الرسائل وكلها منه هو، وعندما تحدث معها سألها بلهفة وشوق، لماذا هجرتني؟ ولكنها أجابت: أنا لم أفعل أنا كنت مريضة، وسألها هل تحبيني، ولم تستطيع أن تقاوم مشاعرها، وقالت له: نعم، وفي اليوم التالي كان في منزلها مع أهله يتحدثون عن الزواج، وهي تتخيل نفسها عروسة وبجانبها حبيبها وزوج المستقبل، وتهمس بهدوء، فعلاً قليلٌ من الرومانسية لن يضر.