الفرح:
كل أم تتمنى أن ترى أبنها وهو يتزوج، أو بنتها وقد كبرت وصارت عروس، أنه أسعد يوم في حياة كل أم، وفي هذا الفرح فرحت الأم كثيرة، الآن فقد قد أتمت مهمتها على أكمل وجه، وبدأت تتذكر يوم أن رُزقت بهذا الشاب الجميل، الذي يضحك ويتراقص مع عروسته وسط الأهل والأصدقاء في سعادة وفرح، لقد كان صغيراً عندما مات أبوه وأخذت هي على عاتقها تربيتها وتحمل مسئوليته والإنفاق عليه وتعليمه ومساندته في كل حياته إلى أن أصبح شاب يحترمه الجميع ويثني على تربيته، أنه يوم عرسها هي وليس هو وبدأت تضحك وترقص في فرح ولدها الوحيد الذي تخلت من أجله عن كل غالي ونفيس في حياتها من أجله، وتقدم منها ابنها وأحتضنها في حنان، وهو يقول لأصدقائه أنها أمي ولا يمكن إلا أن أحبها، ويرقص معها ويشاركها سعادته مثلما كان طوال حياتهما معاً.
العروس:
لم تكن العروس سعيدة بتصرفات حماة المستقبل، واندهشت من حالتها كيف لها أن تعيش مع تلك المرأة في نفس المنزل، كان من رأيها أن أم زوجها امرأة متخلفة وتجعلها تخجل من تصرفاتها أمام صديقاتها وعائلتها ذات المستوى العالي، ولكنه تحب زوجها وتتمنى لو كان يوافق على أن يعيشا معاً بمفردهما، لقد حاولت أن تفعل ذلك، ولكنه رفض وأصر وبشدة على وجود أمه، أخبرها أنه لا يمكنه الابتعاد عنها وكيف ذلك وهي أمي ولا يمكن إلا أن أحبها، ولكنها قررت أن تجعله ينساها بل وأنها على يقين بأنها ستنجح في إزالتها من حياتها.
الصفعة:
لم تتحمل العروس كثيراً، مازالت المرأة العجوز ترقص بين صديقاتها بشكل مخجل، والمرأة المسكينة سعيدة وتتراقص يوم زواج ابنها الوحيد لتعبر عن مدى سعادتها، وتقدمت العروس إلى زوجها، وهي تطلب منه أن يوقف أمه عما تفعله، وتخبره بما تشعر به نحو أمه، ويقف العريس بعد أن مسرور ويضحك وينظر إلى زوجته وكأنه يراها لأول مرة، ويقول في هدوء كيف تتحدثين هكذا عن أمي، ألم أقل لك ألا تقللي من احترامها، وقالت العروس هي من قللت من احترامي عندما رقصت هكذا بهذه الطريقة المتخلفة أمام زميلاتي وصديقاتي، ولم تستطع أن تكمل كلامها لقد سارع العريس بصفعها صفعة قوية جعلت كل الموجودين يشاهدون ما يحدث، ويسيطر الصمت على المكان.
الطلاق:
توقفت الأم عن الرقص مثلما فعل الكثير، ونظرت إلى ولدها وهي تسأله ماذا حدث يا ولدي، ولكنه ابعد عينه عن زوجته التي تشعر بالصدمة بعد هذه الصفعة وهو يقول لها في حنان، لا شيء يا أمي، أني أصحح خطأ كنت قد فعلته، من قبل، ووقف في وسط المدعوين وهو يردد بصوت عالي، أعتذر منكم يا سادة، ولكن زوجتي قللت من احترام أمي وأنا لن أقبل بهذا التصرف، لا الآن ولا في المستقبل، وهي من الآن لن تكون زوجتي فقد طلقتها على الملأ، وليعلم الجميع أن أمي أغلى شخص في حياتها، ولا يمكن إلا أن أحبها.
طلب زواج:
بعد أن قْبَل الشاب يد أمه أمام الجميع أمسك بيدها وهو يغادر المكان مسرعاً، دون أن يهتم بهمهمات الآخرين أو اعتقاداتهم في تصرفاته، كل ما كان يهمه هو أمه فقط، وفي المنزل، تحدثت معه الأم وتخبره أنها ليست غاضبة من زوجته أنها فتاة شابة ومع الوقت ستتغير، إلا أنه رفض حتى سماع دفاعها عن زوجته السابقة، وقال لها في اندفاع لن أسمح لأي مخلوق بإهانتك مهما كان، فأنت خير أم على وجه الأرض، تلك الأم التي لا يمكن إلا أن أحبها، وفي الصباح، جاءه زائر لم يعرفه، ولم يتوقعه، أنه جارهم، كان من ضمن المدعوين بالأمس في الفرح، وكان شاهداً على ما حدث، وعندما تحدث معه، قال له يشرفني يا بُني أن أطلب منك الزواج بابنتي، ونظر إليه الشاب باستغراب وهو لا يصدق ما يسمعه، إلا أن الرجل قال له أن من يفعل مثل هذا التصرف من أجل أمه، إذن فهو أفضل زوج لابنتي، من يراعى الله في أمه، بالتأكيد سيراعي الله في ابنتي، كذلك تربية أمك لك من أفضل ما يكون وخير دليل على ذلك ما حدث بالأمس، وتم الزواج وعاشت العروس الجديدة مع الأم تخدمها وترعاها وتقبل يدها يومياً، حتى أنها كانت تردد مثل زوجها أنها كأمي ولا يمكن إلا أن أحبها.