الاتجاه الموسع
يرى أصحاب الاتجاه الموسع أن التحكيم الالكتروني لا يختلف عن التحكيم التلقائي إلا من حيث الوسيلة التي تتم فيها إجراءات التحكيم في العالم الالكتروني, فلا وجود للورقة والكتابة التقليدية أو الحضور المادي للأشخاص في هذا التحكيم, فيعرفه البعض أنه: هو طريقة لحل النزاع تتم فيها جميع الإجراءات – بما فيها تقديم طلب التحكيم – عبر شبكة الاتصالات الدولية الإلكترونية , كما عرفه البعض التحكيم الالكتروني بأنه: التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة اتصالات دولية بطريقة سمعية بصرية ودون الحاجة إلى الوجود المادي لأطراف النزاع والمحكمين في مكان معين .
الاتجاه المضيق:
ويرى أصحاب الاتجاه المضيق التحكيم الالكتروني لا يمكن وصف التحكيم بأنه الكتروني لمجرد استخدام شبكة الاتصالات الإلكترونية في إجراءاته, فعادة ما يتم تبادل العديد من الرسائل عبر البريد الإلكتروني في إجراءات التحكيم والوساطة, وبالتأكيد لا يعد إلكترونياً لهذا السبب الوحيد, وبناء عليه يرى هذا الرأي انه يجب لكي يوصف التحكيم بأنه الكتروني أن تتم الصفقات أو المعاملات محل التحكيم بطريقة الكترونية.
ولم يسلم هذا الرأي بدوره من النقد, إذ يرى البعض انه لا يوجد سبب يدعو لقصر طلب خدمة التحكيم الالكتروني وغيره من الوسائل البديلة لفض المنازعات على المعاملات التجارية التي تنشأ عبر شبكة الاتصالات الإلكترونية.
وترى الباحثة أن التحكيم لكي يوصف بالالكترونية لابد أن تتم جميع مراحله من أولها حتى أخرها عبر شبكة الاتصالات الالكترونية, أي انه يجب أن يتم اتفاق التحكيم وإجراءاته, أو صدور الحكم فيه الكترونيا حتى نستطيع القول أن هذا التحكيم تحكيم الكتروني.
ويطرح تساؤل عما إذا كان من اللازم تمام التحكيم بأكمله عبر الوسيلة الالكترونية لاعتباره الكترونياً أم يكتفي لاعتباره كذلك استعمال الوسيلة الالكترونية في أي مرحلة من مراحله؟
لم يتفق الفقه على رأي واحد في الإجابة على هذا التساؤل في التحكيم الالكتروني, وانقسم بهذا الصدد إلى اتجاهين, الأول يذهب إلى أن التحكيم هنا يعد الكترونيا سواء تم بأكمله عبر وسائل الكترونية أو اقتصر استعماله هذه الأخيرة على بعض مراحله فقط, وأيا كانت المرحلة التي تستخدم فيها الوسيلة الإلكترونية إذ يمكن أن يقتصر استخدام هذه الوسيلة الالكترونية على مرحلة إبرام اتفاق التحكيم أو مرحلة خصومة التحكيم, في حين تتم المراحل الأخرى بالطرق التقليدية كأن تعقد بعض جلسات التحكيم بحضور الطرفين ووجودهما وجوداً مادياً,
أما الثاني فإنه على النقيض من الاتجاه الأول يذهب إلى أن التحكيم لا يكون الكترونيا إلا إذا تم بأكمله عبر أو في الوسيلة الإلكترونية المختلفة , إذ انه ينبغي أن يبدأ التحكيم باتفاق تحكيم إلكتروني خاص , ويمر ذلك بإجراءات تحكيم تتم باستعمال وسائل الاتصال الإلكترونية, وبالمثل ينبغي أن ينتهي التحكيم بإصدار حكم إلكتروني ملزم للجميع .
ويخلص القول, إلى أن التحكيم الإلكتروني هو تحكيم لا بد أن يتم عبر شبكة الاتصالات الإلكترونية وسنده لذلك في الترجيح هو أن القول بنقيض ذلك يجعل من أي تحكيم تحكيما إلكترونيا, إذ أنه لا يخلو أي تحكيم من استعمال وسائل الاتصال الحديثة في أي مرحلة من مراحله المختلفة , كأن يتم تبليغ هذا الطرف الآخر عبر البريد الإلكتروني أو إرسال بعض المستندات عبر الفاكس وغيره من الوسائل المختلفة , فمثل هذه التقنيات الحديثة والمتقدمة والمتنوعة أضحت لا غنى عنها ولا يمكن القول إلي أن استعمالها في اى مرحلة من مراحل التحكيم يجعل من هذا الامر الأخير تحكيما إلكترونياَ خالصاً , ولا يختلف كذلك الحكم في الحالة التي تستخدم فيها الوسيلة الإلكترونية لعقد بعض جلسات التحكيم, فمثل هذا التحكيم يبقى تقليديا طالما تعقد جلسات مادية التحكيم, وطالما لا تتم إجراءاته بأكملها عبر وسيلة إلكترونية, ولعل مما يؤكد ذلك أن مراكز التحكيم الدولية جميعها نحرص على الاستفادة من التطور التقني فجميعها لها مواقع على شبكة الاتصالات الإلكترونية,