ما من حكيم وعاقل وعالم في هذا الكون إلا ولا بد أنه لمس وشعر بالتناغم به، والله سبحانه وتعالي لم يقم بخلق كل هذا بدون فائدة أو باطل، بل الله تعالى بديع الأرض والسموات قد قام بخلق الذكر والأنثى بالإنسان والحيوان وخلق النبات والجمادات، وجعل هناك منافع متبادلة بين جميع مخلوقاته، وهو سبحانه لا يحتاج لأي أحد من المخلوقات التي خلقها، ولكن مخلوقاته تحتاج إلى بعضها البعض. فالهيدروجين بحاجة إلى الأكسجين حتى يقوموا بتكوين الماء معًا والعكس كذلك، والذكر والأنثى يحتاجان إلى بعضهما البعض لاستمرار التناسل وقضاء حاجتهم الجنسية، وبالتالي الإنسان يحتاج إلى الحيوان والحيوان أيضًا يحتاج إليه، فما من أحد منا إلا ومر عليه وقت شعر فيه بالوحدة وجاء إليه إحدى الحيوانات الأليفة كالقطة وقام بمداعبة فروها وشعر معها بالطمأنينة والفرح، وكثير من الأشخاص أيضًا يحبون اللعب مع الكلاب وإلقاء العصي له حتى يجري نحوها ويقوم بالتقاطها، وهناك أشخاص يحبون ركوب الحصان والحمار والبغال، وهناك من يحب قضاء وقته بإطعام الحشائش للخرفان، وهناك من يحب مجالسة الأرنب بسبب منظرة البديع، فكل هذه الانفعالات والأحاسيس التي تخرج من البشر تجاه الحيوانات ما سببها؟
والكلب عندما يموت تقوم أمه بإقامة جنازة كبيرة وكأنه شخص بشري لماذا؟
ذكر أحدهم خلال فترة دراسته بروسيا أنه كان يقطن بمنزل أسرة روسية تحب الحيوانات الأليفة حتى أنها كانت تربي قط يدعى تالك، وكان يقوم مثلهم بوضع القط على ظهره ومداعبته، وذكر أنه كان يشعر معه بالراحة النفسية ومشاعر صافية وجميلة، وحين اختفى هذا القط في إحدى الأيام ووجدته العائلة ميتًا على الطريق حزنوا عليه حزنًا بالغًا، حتى هو قد حزن عليه كثيرًا، ولم ينسيهم هذا الحزن إلا بعد أن أحضروا قطًا أخر واعتادوا عليه، ولكن في نفس الوقت ذكرى القط تالك لم يستطيعوا نسيانها من بالهم، وكأنه إنسان غالي عليهم فقدوه.
وقد فكر ذلك الشخص هل مشاعرهم هذه تعتبر بسبب أنهم قد جنوا، ولكن الصحابي الجليل أبي هريرة لو كانت تربية هرته جعلته مجنونًا لكان قد تخلص منها حتى يدفع تهمة الجنون عنه.
إذن ماذا تقدم الحيوانات الأليفة للإنسان، إنها تقوم بتنمية مشاعر الإنسان وعواطفه، بجانب أنها تعلمه معنى المسئولية، والولاء، وتشحنه بالعواطف، بجانب تعليمه الحب بلا مقابل والمشاركة.
وجميع هذه الصفات من المهم أن يغرسها الآباء في أطفالهم من صغرهم حتى يشبوا على تلك الصفات الإنسانية الراقية.
الحيوانات الأليفة تعلم الإنسان كيفية الاعتناء وتقديم الرعاية لمن يحتاج
وهذا كله عن طريق تربية الحيوان وتربيته، فهذه العلاقة الحميمة قد أقيمت بين الحيوان والإنسان تعد إحدى أشكال المعاملة بين البشر وبعضهم البعض.
ونتعلم أيضًا من الحيوانات الأليفة لغة الجسد والتعاون بين الأشخاص
وكبار السن يعتبرون أكثر المستفيدين من رعاية وتربية الحيوانات، فعندما يتقدم الإنسان بالعمر يكون معرضًا للقنوط والكآبة والوحدة، وعندها تكون تربية الحيوانات الأليفة مصدرًا لكي يقدم لكبار السن سبب في العيش بأمل وحيوية، فإن تربية حيوان أليف يعتبر حياة جديدة بالنسبة لكبير السن، ومختلفة كليًا عن الوحدة التي كان يعيشها ويشعر بها.
ومن أكبر الفوائد لتربية الحيوانات
هي إرشاد الشخص الضرير، فهناك الكثير من الأشخاص المصابون بالضرر يتخذون كلب كمرشد لهم، فيصبح عين الضرير التي يرى بها، والفوائد مهما كثر الحديث عنها فلن تعطى حقها، وقد قام أحد الأشخاص بإحضار سلحفاة صغيرة من السوق وقام بمراقبتها يوميًا إلى أن تعلم منها الصبر والتأني والمواصلة، وحمد الله الذي جعل ذلك الشخص يستغرق ثانية في الصعود إلى سطح المنزل بينما تستغرق هي ثلاث أيام، وحمد الله على أنه أحكم وأسرع وأقوى منها، وحمد الله كذلك على تمكنه من شرائها بدلًا من أن تقوم هي بشرائه.
وهكذا يتبين حاجة الإنسان إلى الحيوان والعكس، فالحيوان بحاجة إلى من يرعاه ويربيه، والإنسان بحاجة إلى من يتعلم منه الحكمة وكيفية تولد المشاعر الإنسانية والعاطفية، وبذلك فلا غنا لأحدهما عن الآخر.