إذا تحققت الديمقراطية الاجتماعية داخل أحد المجتمعات، فاعلم أن هذا المجتمع يتحقق فيه العدل بشكل كبير، ولن تجد داخل هذا المجتمع معاناة للشخص الفقير كما تتواجد تلك المعاناة في كثير من المجتمعات الأخرى التي تفتقر تطبيق هذا النوع من أنواع الديمقراطية، ولكن تحقيق هذه الديمقراطية ليس بالأمر السهل أو الهين، بل أن لها شروط خاصة ومعايير معينة يلزم تحقيقها حتى تطبق بالشكل السليم وحتى تؤتى بثمارها بشكل جيد وفعال.
تعريف الديمقراطية بوجه عام وصورها
الديمقراطية بشكل عام ما هي إلا حكم الشعب بنفسه، وهذه الطريقة لها عدة صور وأشكال تظهر بمجرد تطبيقها داخل المجتمع؛ فالديمقراطية يتم تطبيقها من خلال الشعب ذاته عندما يحكم نفسه، وتسمى بالديمقراطية المباشرة، أما الديمقراطية غير المباشرة فيتم تطبيقها من خلال برلمان قام أفراد الشعب بانتخابه، ولكن يحتفظ الشعب بحقه في تقرير بعض الأمور الهامة، وتتبقى الديمقراطية النيابية وهذه تكون من خلال انتخاب الشعب لبعض الأشخاص الذين ينوبون عنهم.
تعريف الديمقراطية الاجتماعية وأوجه اختلافها عن الديمقراطية السياسية:
الديمقراطية الاجتماعية هي مساواة الأفراد بعضهم ببعض اجتماعياً، أي أن يكون كل أفراد المجتمع الواحد لهم نفس المستوى المادي، فلا تجد فروقاً كبيرة من الناحية المادية، وبهذا لا تجد الغناء الفاحش ولا تجد الفقر المدقع بين أفراد نفس المجتمع، ولا تجد أيضاً فروقاً كبيراً بين طبقات المجتمع الواحد، ويتحقق ذلك من خلال رفع مستوى الطبقة الفقيرة المتواجدة داخل المجتمع حتى تقترب من بقية الطبقات، وحينها فقط يتحقق العدل، ولن يشعر الفقير بأنه مضطهد اجتماعياً.
أما إذا نظرت إلى الديمقراطية التي عرفتها الكثير من دول الغرب فتجدها تتمثل في الديمقراطية السياسية فقط، وهي أن يتساوى أفراد المجتمع الواحد في الحقوق والواجبات وفي المثول أمام القانون، ويبقى كل فرد بإمكانياته المادية وظروفه المعيشية كما هو ولا شأن للدولة بهذا الأمر.
تفوق الديمقراطية الاجتماعية عن الديمقراطية السياسية:
لطالما كان الإنسان هو أساس الحياة، فيلزم تقديره بالشكل الصحيح من قبل أجهزة الدولة، ولا يجب أن يقتصر الأمر على تساوي أفراد المجتمع الواحد في الحقوق أو الوجبات السياسية فحسب، بل يلزم مراعاة كل الأفراد من الناحية الاجتماعية.
وفي عصرنا هذا بعد أن أثبتت الديمقراطية الاجتماعية تفوقها ونجاحها في تحقيق الرضا لدى كثير من المجتمعات، اتجهت دول كثيرة كانت تبتعد عنها إلى تطبيق بعض نماذجها، فمثلاً اتجهت دول كثيرة إلى تطبيق مجانية التعليم، واتجهت دول أخرى إلى صرف مرتبات للأشخاص الذين لم يتم تعينهم، ونماذج أخرى كثيرة.
تطبيقات من الديمقراطية الاجتماعية:
ومن أمثلة هذه الديمقراطية، أن تكفل الدولة لكل أفرادها العمل داخل الدولة وأن تحدد الدولة مدة معقولة لساعات العمل، وأن تحدد أيضا الدولة حد أدنى لأجر العمال والموظفين حتى يستطيع كل فرد داخل المجتمع أن يحيا حياة كريمة وآدمية، ومن أمثلتها أيضاً الشهيرة أن تقوم الدولة بكفالة الحقوق السياسية؛ فيكون من حق العامل أن ينضم للنقابات والأحزاب التي يراها مناسبة لاتجاهاته وميوله، كما يجب على الدولة أن تكفل لكل مواطنيها حقهم في التعليم؛ فلزاماً على الدولة أن توفر التعليم المجاني حتى لا تضار الطبقات المتوسطة عندما ترتفع أسعار التعليم.
وأخيراً يتضح لنا بعض عرض الديمقراطية بشكل عام والاختلافات بين الديمقراطيات المختلفة، يتضح أن بعض الأنواع تكون قادرة على إرضاء معظم فئات المجتمع وتكون عادلة لهم، وأنواعاً أخرى لا تهتم بالعنصر البشرى بشكل سليم، بل إن كل ما تسعى له تطبيق القوانين فقط.