أرهقتني ذنوبي وكثرت معاصيّ وأريد أن أتوب لكن لا أعرف طريق البداية ولا أدري إن كان الله تعالى سيقبل توبتي وإذا قبلها كيف أعرف أنه قبلها وغفر لي؟!! هي أسئلة نتداولها باستمرار وعلى الدوام كوننا مسلمين وغير معصومين من الخطأ لا بل وعوادون للخطأ والذنب نفسه مرات ومرات فما العمل؟
الحل لهذه الأسئلة هو”التوبة” نعم أخي الكريم فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ”كل بني آدم خطاءون وخير الخطاءين التوابون”
، لكن كيف أتوب وما هي الأعمال التي يجب أن أقوم بها؟!! تابع معنا أخي الكريم و ستجد الجواب لكل هذه الأسئلة بإذن الله.
متى أتوب؟
يعتقد الكثيرون أننا يجب أن نذنب ذنبا كبيرا حتى نتوب ونرجع إلى الله تعالى و هذا خطأ ﻷن الواجب هو التوبة من الذنب الصغير قبل الكبير، لا بل وهناك من يقول أنا لم أذنب اليوم فعما أتوب؟! و ما أدراك أخي الكريم بذنوب عملتها ولم تعلمها فهنا التوبة تكون عما علمنا وما لم نعلم من الذنوب وقد ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يتوب إلى الله تعالى و يستغفره في اليوم أكثر من مائة مرة وهو سيد العالمين والمعصوم من الخطأ وما وردنا عمن سبقونا من الصالحين أن التوبة واجبة على المسلم في كل ليلة قبل النوم، فيحاسب الواحد منا نفسه على كل ما فعله في اليوم ويستغفر الله العظيم و يتوب إليه وهكذا يكون قد ختم يومه بالتوبة فإن مات وقبضت روحه على آخر ما عمله ﻷن المرء يبعث على ما قبض عليه فطوبى للتوابين..
كيف أتوب؟
أعمال التوبة بسيطة و هينة وأيضا كثيرة ومتنوعة، نذكر لك منها أخي الكريم:
الندم: اندم أخي الكريم على المعصية والذنب و أبك لله تعال طمعا في مغفرته و قبوله لك وهدايته لك للتوبة.
الترك: وهو أن تترك أخي الكريم الذنب فورا وأن تعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى مطلقا.
ركعتا التوبة: و هي سنة يغفل عنها كثير منا وتتمثل في أداء ركعتي صلاة ينوي بها المسلم. التوبة عن ذنبه و يرجو الله أن يقبله، يعينه و يثبته على التوبة.
أعمال معينة على التوبة: كالصلاة والصوم والصدقة والذكر والدعاء فهذه الأعمال تجعلك قريبا من الله تعالى وتعلق قلبك به وتصرفه عن الذنب، فأكثر أخي الكريم من ذكر الله تعالى ومن صلاة وصوم النافلة ولا تنس أن تدعو الله أن يعينك ويثبتك، تصدق ولو بالشيء القليل ولا تحقرن من المعروف شيئا فلا تدري بأي يبارك الله وتذكر أن الله يضاعف لمن يشاء.
ماذا أفعل لو عدت إلى الذنب نفسه مرة أخرى؟
الشهوات مزروعة في ابن آدم فمن منا لم يعاود الرجوع لذنب تاب منه قبلا، مثال بسيط: أحدنا كان يؤخر صلاته ثم صحا وتاب وصار يصلي على الوقت ثم بعد فترة عاود يؤخر صلاته ..يسأل ..ماذا الآن وقد عاودت الرجوع لنفس الذنب الذي تبت منه؟؟ ما عليك فعله أخي الكريم في هذه الحالة هو أن تتوب مرة أخرى، جدد توبتك في كل مرة تذنب فيها تعاود الرجوع فيها إلى الذنب فقد قال تعالى في الحديث القدسي: ” وعزتي وجلالي ﻷغفرن لهم ماداموا يستغفرون” لذلك أخي الكريم لا تستمع لوساوس الشيطان بأن الله لن يغفر لك خاصة وأنك تبت وعدت مرة أخرى للذنب، لا تب مرة واثنتين ومائة وألفا حتى ييأس الشيطان منك، رزقنا الله و إياك أخي الكريم توبة نصوحا.
كيف أعرف أن الله قبل توبتي؟
قال الرسول عليه الصلاة والسلام :”التائب من الذنب كمن لا ذنب له ” كما وقد جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى غفّار يغفر الذنوب جميعا فثق أخي الكريم أن الله الذي هداك للتوبة إنما هداك ليغفر لك فتيقن أن توبتك بإذنه تعالى مقبولة ما دامت ذنوبك مع الله وذنوبك مع العباد أيضا مغفورة لك بإذن الله تعالى ما أديت حقوقهم فمن شهد زورا مثلا يجب عليه أن يصحح أولا شهادته ثم يتوب أي أنه يصحح خطأه مع العبد ثم مع الله تعالى.
الآن تُبت و قبلت توبتي فكيف أعرف أن الله تعالى قبل توبتي؟
قبول التوبة أخي الكريم يظهر أثره على إيمانك وعملك فإيمانك بعد التوبة يصبح أقوى وقلبك أتقى وصدرك أنقى كما أنك تلاحظ أثر التوبة في عملك فيزيد حبك للخير والأعمال الصالحة ويقوى ذكرك وتخشع أكثر في الصلاة إلى غير ذلك من الآثار الطيبة التي ستستشعرها و تلمسها في جميع جوانب حياتك.
تذكر أخي الكريم دوما أن الله يغفر الذنوب جميعا مهما كررت وعاودت الرجوع للذنب أو مهما كان ذنبك كبيرا وتذكر أيضا أن لا تخطط للتوبة قبل الإقدام على المعصية فتقول سأفعل كذا ثم أتوب فالله تعالى غفور رحيم، لا هذا لا يصح فالتوبة لا يخطط لها وهي للذنب الذي فعلناه بضعف منا ورغما عنا ثم ندمنا عليه وتركناه و هكذا تكون توبتنا كاملة مقبولة ونصوحا بإذن الله تعالى.