قصة سيدنا هود عليه السلام وقوم عاد (الجزء الأول)

بعد واقعة الطوفان وانتشار البشر من جديد في أرجاء الأرض وصلت ذرية” أرم “(ابن سام بن نوح (لمكان قريب من اليمن اسمه الأحقاف والأحقاف تعني تلال الرمل المُرتفعة، وهذا كان حال المكان بأثره مجرد كثبان من الرمال وأغلبها مُرتفعة لذلك سُميت بالأحقاف وهناك عاش قوم عاد، ميز الله قوم عاد بالبنية الجسدية فكانوا طوال القامة كطول النخل في قوله تعالي” وزادكم في الخلق بسطة “(آية 69  سورة الأعراف)

وبجانب هذه القوة الجبارة التي قد أمدهم الله بها والتي كانت تسهّل عليهم البناء والعمران، ولهذا فقد اشتهروا بالبيوت ذات الأعمدة الضخمة، في قوله” أرم ذات العماد ” (آية 7  سورة الغجر)
فالعماد هي أعمدة غاية في الطول، فكانوا يبنون بيوتهم فوق الجبال الشاهقة وبين الجبال وفي الوديان وفي الطرق وفي كل مكان وكانوا يبرعون في صنع هذه البيوت حيث كانت آية في الجمال والإبداع لكي تصبح علامة من علامات العظمة بتداولها الناس على مر العصور والأزمان.

فكانوا يصنعون البيوت العظيمة رغم عدم احتياجهم لها ولكن كانت على سبيل الترفيه وإظهار القوة والتفاخر بها، فذكر الله في قوله  ” أتبنون بكل ريعٍ آيةً تعبثون “( آية 128 سورة الشعراء )
وقد رزقهم الله من فضله بتوفر الماء العذب بكثرة، فكانوا ماهرين في الزراعة.

قصة سيدنا هود عليه السلام وقوم عاد (الجزء الأول)

فأصبح لديهم الكثير من الخيرات، من مال وأنعام وبساتين، فكانوا يسكنون بين الخضرة والزرع وعيون ماء في قوله “أمدّكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ” ( آية 133 , 134 : سورة الشعراء) وبسبب تمييز الله تعالى لهم بالبنية الجسدية القوية، كانوا لو دخلوا في معركة مع أحد انتصروا عليه، وأخذوا منه الغنائم والخيرات وظلموه في قوله : ” وإذا بطشتم بطشتم جبّارين ” ( آية 130 سورة الشعراء)

وكعادة كل قوم إذا اغتنوا وشعروا أنهم ملَكوا الدنيا ونسوا الآخرة، يبدأ أن ينتشر بينهم الفساد والمعاصي والآثام، لحين ارتكابهم أعظم الكبائر وعبادة الأصنام فكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان، فبعث الله فيهم سيدنا هود حيث كان واحد منهم وفي القرآن ذُكر أنه أخوهم حيث  فسرها بعض العلماء بأنه كان أخوهم في النسب فعلا ومعروف عنه الصدق والأمانة.

 اختار الله أن يكون أخوهم لأن الأخ يخاف على مصلحة أخيه، وذكر علماء آخرين إنه لم يكن أخوهم نسباً، وإنما من كثرة رحمته بهم في الدعوة والرفق واللين الذي كان يدعوهم به فكان مثل الأخ الذي ينصح أخواته ويُقال أن بعض العلماء تبنّوا فكرة تسميته هود من كثرة الهدوء الذي يدعو به ومن كثرة الرحمة واللين وعدم الغلظة.

بدأ سيدنا هود يدعوهم للتوحيد وترك الأصنام، وذكرهم بنعم ربنا عليهم وإن كل العز الذي هم يعيشون فيه والخيرات من عند ربنا، فقال لهم إنني أخاف عليكم من عذاب يوم القيامة، فاسمعوا مني القول وأتبعوه واعبدوا الله واستغفروه يُسامحكم ويزيدكم نعيما من فضله ويُبارك في خَيراتكم ويزيدكم قوة فوق قوتكم.

لكنهم ردوا عليه القول بالتكذيب واتهامه بالسفه والضلال، قالوا له لن نترك الهتنا ونتبعك إنك لفي ضلال بعيد وهذا نتيجة لغضب الآلهة عليك ــ الأصنام ــ  في قوله تعالي” إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ” (آية 54 : سورة هود)

قصة سيدنا هود عليه السلام وقوم عاد (الجزء الأول)
التعليقات (0)
اضف تعليق