قصة يعرف أكثر .. قصص من التراث 

لكل من أهل البادية والحضر العادات والتقاليد والثقافات المختلفة عن بعضهما البعض، وإن كان من الممكن أن يكون أحدهما يعرف أكثر من الآخر، ولكن الذكاء وحُسن التصرف ليس شرطاً أن يكون نابعاً من مكان معين أو بيئة خاصة، وإنما ينمو ويظهر من خلال تجارب الإنسان ومعرفة بمعادن الناس ونوعيتها التي يصادفها في حياته.

قصة يعرف أكثر .. قصص من التراث

الأعرابي :

يُحكى أن أعرابي يُقال عنه أنه يعرف أكثر من الجميع، قد قرر أن يأتي لزيارة أحد أقاربه في الحضر، الذي يعيش مع أسرته المكونة من زوجة وبنتان وولدان، وهو يمتلك الكثير من الدجاج، والذي كان يظن هو الآخر أنه حاد الذكاء وأنه يعرف أكثر من قريبه الإعرابي، حتى أنه أراد أن يثبت وبالتجربة مدى قلة حيلة الإعرابي وعدم قدرته على التعامل بالطريقة الصحيحة إذا ما وقع في موقف ما، لذلك قرر أن يضعه في أكثر من موقف ليجعله يتأكد من أنه لم يكن ذكياً يوماً ما.

الدجاجة :

بدأها بان طلب من زوجته أن تقوم بتحضير طعام الغذاء وأن يكون الطعام اليوم مجرد دجاجة واحدة فقط، وتضعها أمام الجميع في وقت الغذاء، وعندما انتهت الزوجة من تحضير الطعام دعي هو الإعرابي ليتناول معهم الغذاء، ولكن قبل أن يأكل شيئاً قال له: فلتقسم لنا الدجاجة، وتعطى كلاً منا نصيبه منها، نظر إليه الأعرابي قليلاً وعاد يقول في تردد، قد لا يعجبكم ما سأقوم به من القسمة، فأنا شخص يعرف أكثر من غيره في مثل هذه الأمور، ولكن صاحب البيت أصر وهو يكتم ضحكة بداخله من غباء الضيف على أن يقوم هذا الضيف بالقسمة كما هو متفق عليه، وأخبره وهو يطمئنه قائلاً: لا تخف سنرضى بكل ما تقسمه لنا.

القسمة :

بدأ الرجل بالرأس فقطعها من الدجاجة وأعطاها له، وهو يقول أنت الرئيس، والرئيس له الرأس، وعاد ليقطع الجناحين ويعطيهما إلى الولدان وهو يقول: الولدان لهما الجناحان، أما الساقان فإنهما للبنتين، وللزوجة الزمكي، ثم عاد ليقول” الزّور للزائر، وأخذ الدجاجة كلها لنفسه فقط، وأندهش صاحب الدار، وأعتقد أنه لم يقدر هذا الضيف حق قدره، فقد كان من الذكاء أن يعرف أكثر منه هو شخصياً.

مرة أخرى :

ولم يرتاح صاحب الدار في ذلك اليوم، فهو حتى الآن عاجز أن يثبت أنه أذكى من الأعرابي، ولكنه قرر أن يغير أفكاره في المرة القادمة، ليظهر للجميع أن الأعرابي ليس ذكياً، وفي اليوم التالي طلب من زوجته أن تحضر في طعام الغذاء اليوم خمس دجاجات وليس واحدة كما فعلت بالأمس، وامتثلت زوجته لما أمره بها، وعند الانتهاء من تحضير طعام الغذاء أخبرت زوجها الذي بدوره دعى الأعرابي الضيف إلى تناول طعام الغذاء، وجلس الأعرابي ليأكل دون أن يدري ما يدور في عقل مضيف، وبحُسن نية بدأ في تناول الطعام، ولكن صاحب الدار أوقفه وهو يقول مبتسماً، فلتقسّم لنا الطعام اليوم يا عزيزي، ولكن نظر إليه الضيف باندهاش وهو يقول، كنت أظن أن قسمتي لكم بالأمس لم تكن على رغبة منكم، أي أنها أغضبتكم مني، وزادت ابتسامة صاحب الدار وهو يقول، وهل يعقل هذا؟، فلتقسم لنا اليوم أيضاً, سأله الأعرابي في براءة وهو ينظر إلى الطعام، وهل أقسّم لكم الطعام وتراً أم شفعاً، قال الرجل: بل نجعلها وتراً.

الوتر :

أمسك بدجاجة واحدة وأعطاها له ولزوجته، وهو يقول أنت وزوجتك اثنان والدجاجة ثلاثة، فهذا وتر، ثم أمسك بأخرى وقدمها إلى الولدين، وهو يقول: أبناك والدجاجة ثلاثة، إذن هذا هو الوتر، وأمسك بالدجاجة الثالثة ليعطيها للبنتين وهو يقول: والبنتان والدجاجة ثلاثة، فهذا أيضاً وتراً، وبقي فقط دجاجتين، ونظر إليه صاحب الدار ليرى ماذا سيفعل بهما، ولكن الأعرابي ابتسم وهو يقول: وأنا الدجاجتين ثلاثة، وهذا وتر!

شفعاً :

زاد غضب وغيظ صاحب الدار بداخله، فهذا الرجل لم يكن ذكياً فقط بل أنه حاد الذكاء، ولكن قبل أن يأكل الأعرابي، عاد ليتحدث إليه بسرعة وهو يقول فلنجعل القسمة شفعاً، وعاد الأعرابي ليأخذ من كل اثنين الدجاجة، ويضع الخمس دجاجات كما كانوا في السابق، وعاد ليقسّم مرة أخرى، وهو يقول، أنت ووالدك والدجاجة أربعة، وهذا شفعاً، وزوجته وبنتاها والدجاجة أربعة، وهذا أيضاً شفعاً، وعاد لينظر وهو مسرور إلى الثلاثة دجاجات الباقيات وهو يتحدث إلى مضيفه ويقول وأنا والثلاثة دجاجات أربعة وهذا أيضاً شفعاً!

اعرابيالباديةالحضرعادات وتقاليدقصة يعرف أكثرقصصقصص من التراث
التعليقات (0)
اضف تعليق