أخيراً جاء اليوم الذي وعدها فيه أنه سيعود مبكراً إلى المنزل ليتحدث معها في ذلك الموضوع الذي يشغل تفكيرها دون أن يدري أنها ستتحدث معه بأمر طلاقهما، بعد أن كرهت حياتها معه وهي خالية من الرومانسية التي كانت تحلم بها قبل الزواج، حتى هي عاشت هذا اليوم لحظة من التوتر والقلق والخوف، وهي تردد بداخلها كيف تخبره بالأمر، حتى جاءتها فكرة أن تخرج مع ابنها للتسوق لعلها تشعر ببعض الراحة وينتهي توترها وقلقها، وتقضي على الخوف بداخلها، وفرح الطفل كثيراً لخروجه مع أمه، فهو يحب التجوال، وهي تشتري له كل ما يطلبه، والطفل دائم التحدث والضحك والابتسام، أما هي فتفكر في تلك اللحظة التي ستخبره بها بهذا الأمر.
الفتاة :
وفي أثناء سيرها لاحظت امرأة منقبة تمشي في الطريق على سرعة وعجل وتتخبط في المارة، ولكنها لم تهتم فإن اليوم يوم زحام، وطلب منها الصغير أن يدخل المحل المجاور لهما لتشترى له لعبة من هناك، ودخلت المحل لتبحث مع ابنها عما يريده، وقبل أن تختار تقدمت منها فتاة وهي تنظر إليها في قلق ملحوظ، وقالت لها اعذريني سيدتي ولكنني سمعت تلك المرأة ذات النقاب وهي تتحدث مع أحدهم عنك أنت والطفل، وعلى ما يبدو أنها ستقوم بخطف طفلك منك.
الخطف :
كان رد فعلها عند سماع هذه الكارثة أن تمسكت بأبنها وبقوة وهي تردد غير معقول، وشعرت بالخوف على ابنها، ولكن الفتاة أكدت عليها أنها سمعتهم بالصدفة وحتى أن المرأة كانت تعدو نحوك أنت والطفل لولا أنكما دخلتما محل لعب الأطفال، وهي في انتظارك بالخارج حينما تخرجين ستقترب منك بحجة أنها تطلب المساعدة وحينها ستنزع منك الطفل بالقوة بمساعدة صديقتها، زاد تمسكها كثيراً بصغيرها ولم تعرف ماذا تفعل.
الاتصال :
ولكنها وبسرعة اتصلت بزوجها وأخبرته بكل شيء، وطمأنها بأنه لن يحدث لها أو للطفل أي شيء وطلب منها أن تبقي فى المحل ولا تخرج منه إلى أن يأتي إليها، كما حذرها من أن يظهر عليها الخوف، وظلت الأم خائفة ومتوترة إلى أن جاء زوجها على عجل ويبدو عليه القلق والعصبية، ونظر إليها هي والطفل واطمأن إلى أنهما بخير وطلب منها أن تذهب وبكل هدوء إلى الخارج ومعها الولد وأن لا تشعر بالخوف وهو سيحميهما معا.
الخوف :
بالرغم مما تشعر به من خوف إلا أنها خرجت ومعها الطفل، وتقدمت بالفعل إليها تلك المرأة المنقبة لتطلب منها المساعدة وقبل أن تقترب من الطفل وجدت أمامها زوجها وهو ينقض عليها هي وصديقتها معاً، ويتعارك معهما ويضربهما بقسوة وقوة حتى أن المارة اجتمعوا عليهم وحاولوا التفريق بينهما دون فائدة، فقد كان الزوج في شدة غضبه وشراسته.
قسم الشرطة :
ولم تنته المسألة إلا في قسم الشرطة، عندما تم تسليم هاتين المرأتين إلى الضابط ليتم سجنهما، وعادت الأسرة الصغيرة إلى المنزل، وهي تحتضن ابنها في خوف وهو يحتضنهما معاً ويخبرهما أنهما بخير ولن يحدث لهما مكروه أبداً، في هذه الليلة نظرت إليه وهو يتحدث إلى طفله ويحاول أن يشجعه ويضحك معه ويجعله ينسى هذه التجربة الصعبة، إنه والده، يحبه كثيراً، شعرت وكأنها تراه لأول مرة، لقد تغير، أو لعله هو هكذا وهي لم تدرك من قبل، الآن فقط تراه على حقيقته.
الفكرة :
وندمت على فكرتها التي كانت ستؤدي بها إلى كارثة في حياتها، والحمد لله أنها لم تطلب منه الطلاق، كيف لها أن تعيش بعيداً عنه، كيف تتهمه بإهمالها، وهو منقذها وقوتها التي تحميها وتحمى ابنها من الخطر، الآن فقد تأكدت أن مشاعر الأمان والحب معاً أهم بكثير من هذه التفاهات التي تبحث عنها، وتتحدث إلى أصدقائها بشأنها، إنهن على حق أنها تفاهات تُقال فقط، ولكن المشاعر الحقيقية هي التي نشعر بها في موقف أو أزمة أو حادثة.
السؤال :
أفاقت من ذهولها وهو يأتي إليها ويتحدث معها ويسألها هل أنت بخير، وتجيبه بأنها بخير، ويعود ليسألها عن الأمر الذي كانت تلح عليه في أن يستمع إليها بشأنه، ولكنها لم تخبره بتك الفكرة التي انتهت من الأساس، فقط أخبرته أنها تحبه وأنها لن تتركه أبداً مها حدث، وأنها اليوم فقط تشعر أنها ظلمته كثيراً، ولن تعود إلى ما كان يزعجه ويضايقه منها.