من المعروف أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر عند الله قال تعالى (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) وأن بر الوالدين من أقرب المقربات إلى الله وأيضاً قد قرنه الله بالتوحيد في قوله تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) ولكن للأسف نرى كثيراً من أمثلة الأبناء الذين يقوموا بزجر وإهانة أباه وأمه.
ولا بد أن نعترف بأن مشكلة عقوق الوالدين لا تنتمي إلى دين الإسلام فقط ولكن عرفت في جميع الملل والديانات الأخرى منذ بداية الخلق، ولكن كون الدين الإسلامي يرشدنا على كل ما هو ينفعنا في الدنيا والآخرة ويحثنا على الأخلاق الحميدة وبر للوالد والوالدة حتى لو كانوا كافرين، ولكن ألا تطعهما في معصية الخالق جل في علاه.
وقال بن عباس رضي الله عنهما أن المقصود من بر الوالدين اللين بهما ولا يغلظ بالقول لهما وعدم حد النظر إليهما وتجنب رفع الصوت عليهما حيث تكون بين يديهما مثل العبد مليء بالتذلل لهما، وقال الهيثمي أن المقصود بقوله تعالى: (وقل لهما قولاً كريماً) أي اللين والاستمالة والعطف وموافقة مرادهما وخاصة عند الكبر.
أمور من بر الولدين:
1- أن تفعل الخير معهما وتحسن صحبتهما حيث أن الإحسان في آيات دل على فعله في القول والعمل وفي العطاء والأخذ وأيضاً في الأمر والنهي، وذلك إن كان الأمر يرضي الابن أو لا يرضيه.
2- لا يقل الابن لوالديه ولو كلمة أف ولا يتضجر من أوامرهما أو نهيهما ولا يظهر لهما ذلك التضجر بل يستقبل كل كلامهما بصدر رحب وروح عالية.
3- لا يجب أبداً أن يرتفع الصوت على صوتهما أبداً بل يجب أن تخفض صوتك عند الحديث معهما، وقال أحد السلف ألا ينبغي أن يمشي الولد أمام والديه ولا يجلس قبلهما والبعد كل البعد عن مجادلتهما بحدة وعنف.
4- الدعاء لهما حتى بعد موتهما لقوله تعالى (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) وأن يؤثرهما على نفسه وأولاده وزوجته أي يقدم ما يريدان على نفسه والمقربين إليه.
5- الشكر لهما وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) وبالطبع هم أفضل الناس بالنسبة للولد، والشكر دائماً عن ما يقدموه للأولاد منذ الصغر من رعاية وحنان ومحبة وتلبية رغبات الأولاد حتى الكبر.
6- أن يراعي الولد أمه لكونها ضعيفة وبذلت الكثير من الرعاية منذ حملها له وولادته ورضاعته وسهر الليالي في سبيل راحته.
7- حتى إن كان الوالدين غير مسلمين فيجب برهما في طاعة الله ولا يجب برهما في معصية الله، حيث كان سيدنا أبو هريرة له أم غير مسلمة وكان يحسن إليها ويقدم إليها كامل أمور البر حتى أنه ذهب للنبي يوماً فدعا لها حتى أسلمت.
8- وأعلم أن بر الوالدين منجاة من المصائب والكوارث والهموم في الدنيا ومنجاة من عذاب الله في القبر ويوم القيامة وسبب عظيم من أسباب دخول الجنة.
وأعلم أخيراً أن رضا الرب من رضا الوالدين كما جاء في الحديث الصحيح ( رضا الرب في رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين) رواه الترمذي.