“التائب من الذنب كمن لا ذنب له”، هكذا علمنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- ، ويجب على الإنسان أن يترك المعصية والذنوب ويعود إلى المولى عز وجل، راجيًا عفوه ومغفرته، نادمًا على ما قدم من ذنوب وخطايا، طامعًا في جنة الخالق التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب البشر، ولا يساوي مقدار كنوز أعظم ملوك الدنيا أو جزءا يسيرا منها.
والمولى سبحانه وتعالى دائمًا ما يقدر لعباده المواقف، ويسبب لهم الأسباب التي تعينهم على التخلص من الذنوب والعودة للوقوف على بابه، وذلك ما توافرت النية الصادقة بالتوقف عن ارتكاب الأخطاء والعودة إلى جنب الله.
خطوات التوبة:
إذا ما أراد العبد الرجوع إلى الله، فهناك بعض الخطوات التي يجب أن يتبعها ويسير على دربها حتى يتخلص من ذنوبه ويعود إلى خالقه، ومنها:
- النية الصادقة:
إذا كان العبد صادقًا في رغبته، مخلصًا في توبته، عازمًا على عدم العودة للمعاصي، فبالتأكيد الله سيساعده ويقويه، ويصرف عنه الشرور ومسببات الإثم، التي تقف حائلًا بينه وبين توبته، بشرط الإخلاص والنية الصادقة، حيث قال تعالى عن يوسف عليه السلام: “كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين” [يوسف:24].
- المحاسبة الدائمة:
يجب على العبد أن يحاسب نفسه على الدوام وأن يهذبها بالبعد عن الذنوب والمعاصي، وألا يترك نفسه أسيرًا لشهواته، وكلما حاسب نفسه كان ذلك دافعًا له لطلب الخير والابتعاد عن الشر، كلما تذكر أنه هناك إله يحاسبه على أفعاله، وأن مصيره بعد الحياة الدنيا، إما الجنة لو صلحت أعماله، أو النار لو كان عمله فاسدًا وذنوبه راجحة على حسناته.
- تذكر الموت:
كلما تذكر الإنسان الموت كان ذلك دافعًا لإصلاح عمله مع الله وبعده عما يمكن أن يخرجه من رحمة المولى، وسببًا للاستمرار في عمله الصالح والبعد عن ذنوبه والتوبة منها، حتى يقيه الله عذاب النار، لأن العبد لن يجني في أخرته إلا ما قدمت يداه، لو قدم الخير وجده حاضرًا يوم القيامة، ولو كانت أعماله شرورًا ومعاصي فذلك نذير سوء لأخرته ومصيره إلى النار.
- ابتعد عن المعصية:
لو صدق العبد النية في التوبة والتخلص من الذنوب والمعاصي التي أثقلت كاهله، فهو حتمًا يعلم أسباب فعله للمعصية، أو الأماكن التي تدفعه لفعل الذنب، ولذلك عليه أن يسرع بالابتعاد عن مواطن الشبهات وتجنب تلك الأماكن، حتى يبتعد عن المعاصي ويتحاشاها قدر الإمكان، والكل يعلم قصة الرجل الذي قتل 100 نفس، وقال له العالم: “إن قومك قوم سوء، وإن في أرض الله كذا وكذا قوما يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم”.
- تجنب رفاق السوء:
من يسعى للتوبة بصدق يجب أن يختار أصدقاء يعينوه على فعل الخير، يدفعونه دفعًا إلى التوبة، والرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم– قال: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني، ويجب على الراغب في التوبة أن يبتعد عن رفاق السوء الذين يتباهون بالمعاصي ولا يكترثون لفعل الذنوب، لأن هؤلاء يقومون بإبراز الذنب وتبريره، ما يدفعه للعودة إليه.
- اشغل وقتك:
يجب أن تبتعد عن الفراغ حتى لا تنحرف نفسك إلى ما يسيء من الأفعال والمعاصي، ودائمًا اشغل وقتك بالطيبات وذكر الله وفعل الخير، حتى يجنبك الله الانحراف والشذوذ عن المنهج القويم.
توقيت التوبة:
التوبة جائزة في جميع الأوقات، والله عزوجل يقبل عبده التائب في الدنيا ويفرح به، طالما جاءت توبته في حياته، وقبل طلوع الشمس من مغربها، وقال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: “إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر” [رواه أحمد والترمذي وصححه النووي]، وقال: “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها” [رواه مسلم].
شروط التوبة:
وللتوبة الصادقة النصوح عدة شروط يجب أن تتوفر حتى يمن الله على عبده التائب بالقبول والعون على عدم العودة للمعاصي، وهي:
أولاً- الإخلاص لله تعالى.
ثانياً- الإقلاع عن المعصية.
ثالثاً- الاعتراف بالذنب.
رابعاً- الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي.
خامساً: العزم على عدم العودة.
سادساً: ردّ المظالم إلى أهلها.
سابعاً- أن تصدر قبل حضور الأجل.