لعل أول من لفت أنظارنا إلى كلمة “مصاص دماء” أو “دراكولا” كان الأديب الأيرلندي برام ستوكر ,ففي عام 1897 قام بنشر رواية “دراكولا” ,تلك الرواية التي باتت مصدراً مهماً للأدباء من بعده ولصناع السينما العالمية.
دراكولا: ليست مجرد رواية خيالية من خيال الكاتب ,فالكاتب بذل سنوات من عمره يقوم بأبحاث عديدة ..أبحاث حول الوطاويط مصاصة الدماء ..أبحاث حول أساطير العصور الوسطى ..أبحاث حول أصول مصاصي الدماء ..أبحاث حول الأمير الروماني “فلاد دراكيولا” ..أبحاث حول الكونتيسة “إليزابيث باثوري” ,ليخرج لنا أخيراَ بتلك الرواية .
دعونا نترك تلك المقدمة حول رواية “دراكولا” ,وأتكلم قليلاَ عن مصاصي الدماء ..هل مصاص الدماء أسطورة ؟ أم حقيقة ؟ هل من الممكن أن نرى مصاصاً للدماء في أي وقت ؟
إذا كانت أسطورة..وخيال كاتب ,فمن أين جاءت أصولها ؟ما الذي اعتمد عليه برام ستوكر في الكتابة ؟ دعونا نعرف.
متى ظهرت سيرتهم ؟
في الفولكلور الشعبي نجد أن أول ذكر لمخلوقات تعيش على مصّ دماء ضحاياها كانت في حضارة بلاد ما بين النهرين ..تلك الحضارة كانت تؤمن بوجود الشياطين والأرواح الشريرة التي تتغذى على دماء ضحاياها ,ولعل أبرز هذه المخلوقات كانت “ليليث” …أول مصاصة دماء في التاريخ.
انتقلت بعد ذلك هذه الأساطير عبر الحضارات المختلفة العبرانية والإغريقية..إلى أن نشأت من تلك الأساطير أسطورة أخرى في العصور الوسطى.
ظهورهم في العصور الوسطى:
ظهروا مصاصو الدماء بشكل أخر.. فلم يعدوا مجرد أرواح شريرة أو شياطين ,بل أصبح لهم أشكال آدمية واخترع المؤرخون الإنجليز في القرن الثاني عشر أساطير عديدة حول أشخاص ماتوا ثم عادوا بأشكال مخيفة لشرب الدماء ..هؤلاء الأشخاص يكرهون الشمس والثوم.
فلاد الوالاشي والكونتيسة:
أبرز القصص التي اعتمد عليها برام ستوكر كانت قصص فلاد الوالاشي والكونتيسة باثوري .
فلاد تيبيس دراكولا كان أميراً رومانياً متوحشاً ,دارت بينه وبين الدولة العثمانية حروباً عديدة ..كان ذلك الأمير من أسوأ الطغاة في العصور الوسطى ,وكان يعاقب ضحاياه بوضعهم فوق الخوازيق. لعل قصة دموية هذا الأمير هو ما جعل برام يستوحي أسمه ليخلق كائن خرافي اسمه “دراكولا”.
الكونتيسة باثوري كانت امرأة جميلة ,وفي يوم شعرت بأنها كبرت في السن ..فقامت بقتل الفتيات العذارى لتستحم في دمائهن لأن الدماء هو إكسير الحياة ويجعلها صغيرة نضرة.
القرن الثامن عشر:
ظهرت سيرة تلك المخلوقات مرة أخرى ,فانتشرت الأقاويل في ذلك القرن عن أشخاص ماتوا منبوذين وعادوا لمصّ الدماء.
فمصاصي الدماء هم عودة للموتى من الكائنات الشريرة..وضحايا الانتحار والسحرة، وأصبح هذا الاعتقاد منتشراً بشدة حتى تسبب في الذعر لسكان القرى .
طريقة قتل تلك المخلوقات:
هناك طريقة واحدة اتفقت عليها الأساطير وأتبعها الناس بالفعل على الموتى الذين ظنوا أنهم كذلك..هذه الطريقة هي قطع الرأس وحشوها بالثوم ثم غرس وتد خشبي في قلب الميت.
هذه الطريقة استخدمها برام ستوكر في تلك الرواية ,فمن خلال هذه الرواية انتقلت تلك الأسطورة إلى عصرنا هذا.
ولكن ..هل هي أسطورة فعلاً ؟
لا يوجد في الحقيقة مصاصين دماء بتلك الصورة التي سمعناها من القصص القديمة, ولكن هناك مرض ما أعراضه مشابهة ..هذا المرض هو البورفيريا وهو عبارة عن خلل في عمل الأنزيمات بالدم ويؤدي إلى نحول في الجسم وتآكل في الجسد إذا تعرض لضوء الشمس ..تماماً كمصاصين الدماء ,ولكنه مجرد مرض..وتبقى الأسطورة أسطورة.