ما هو شعورك عندما تكون انتهيت للتو من القيام بعمل معين ثم قام أحد الزملاء في العمل أو مديرك بتوجيه النقد لك، بالتأكيد سوف تصاب بالإحباط والعديد من المشاعر السلبية الأخرى التي ربما تجعلك تعقد العزم على ترك مكان العمل، وأحياناً يصبح لدي أصحاب النفوس الضعيفة الرغبة في الانتقام ممن وجهوا لهم سهام النقد.
طبيعة الإنسان وتقبل النقد
عند النظر إلى الطبيعة البشرية نجد أن الإنسان يبحث دائماً عن التقدير للأفعال التي يقوم بها، ويحب أن يجد لدى الآخرين الاستحسان لأفعاله وسلوكه سواء كانت في مجال العمل أو مختلف مجالات الحياة، وأن ردود أفعال البشر تختلف من شخص لأخر عند توجيه النقد لهم، وتختلف ردود الأفعال تلك أيضاً بالنسبة للشخص الواحد على حسب عدة عوامل سوف نستعرضها لاحقاً.
لكن الأمر المهم في هذا هو حتمية تقبل الإنسان للنقد من الآخرين، لما لها من انعكاس بالرأي يمكن أن يؤدي بالفعل للمزيد من التطور، في أسلوب القيام بعمل معين أو المضي قدماً في تنمية جوانب ومهارات لديك، وليس بالضرورة أن يكون النقد الغرض منه النيل منك لغرض شخصي أو لتثبيط عزيمتك، بل العكس تماماً فعلى سبيل المثال عندما تقوم بعمل معين ويقوم أحد أصدقائك بنقدك في هذا العمل ، فاعلم إن الغرض من هذا النقد هو أن صديقك يريد منك القيام بالعمل على نحو أفضل لتكون مميز إن لم تكن الأفضل فيه، فلنفرض أن طريقتك للقيام بالأمر لم تكن جيدة وهذا الصديق لم يقم بنقدك فبالتأكيد سوف تقوم بالأمر بعد ذلك كما قمت به أولاً وفي تلك الحالة أعتقد بأنك أنت ستكون المتضرر.
اختلاف ردود الفعل عند تقبل النقد
- مدى قرب الشخص الناقد منك: من المؤكد في هذا الأمر أن الشخص قد يقبل النقد من شخص معين نظراً لقرابته وليس المقصود بالقرابة العائلية، وبالتالي يكون الأمر مقبول بينما نجد أن نفس الشخص قد لا يقبل النقد من شخص أخر لأنه يعلم مسبقاً أن هذا النقد الغرض منه أهداف شخصية ليس إلا.
- مدى توافق النفس مع الذات: إذا أدركت أن النقد هو الخطوة الأولى في مسار التصحيح وتوافقت ذاتك مع هذا الأمر فبالتأكيد سوف تتقبل النقد من الآخرين بصدر رحب.
- العقلانية في تقبل النقد: قبولك للنقد من عدمه لن يؤثر في الآخرين بشيء ولكن العقلانية في سماعك للنقد وكيفية العمل على تحسين قدراتك وقيامك بالأمور ستكون بلا شك هي المصدر الأول للتصحيح واستغلال النقد الموجه إليك للبناء وليس الهدم.
- تقبل النقد مهارة: كغيرها من المهارات الموجودة لدى الإنسان يمكن تنميتها مع الوقت الوصول بها لمستوى عالي جداً تصل بك لمرحلة متقدمة من مراحل تعزيز قدراتك المعرفية.
- عدم الانسياق وراء العواطف في تقبل النقد: ليس من الضرورة أن يكون حكمك الشخصي في تقييم الأمور هو الصائب حتى ولو تكلف الأمر الكثير من الجهد والعرق، فمثلاً قد تكون هناك حمولة ثقيلة إلى حد ما وتكبدت الكثير من الجهد والعناء لنقلها من مكان لأخر بالرغم من أن استخدامك مثلاً لعربة أو غيرها من وسائل النقل سيوفر عليك الكثير من الجهد والوقت، لذا فعندما يوجه أحدهم لك النقد على هذا التصرف فليس من المنطقي أن تواجه هذا النقد بالغضب أو الانفعال ولكن ببعض التروي ستدرك أنه على حق.
- وأخيراً قبولك للنقد ليس معناه الإيمان به وتصديقه: بمعنى أن ليس تقبلك لنقد موجه من شخص ما هو أنك بالفعل قد اقتنعت بوجهة نظره فربما الكثير من الأمور التي لا يدركها هو ولكن تعلمها أنت فقط، كأن يقوم شخص مثلاً بنقدك على لبسك لنظارة شمسية أثناء الليل على الرغم من أنه من الممكن أن تكون عيناك مصابة ببعض الحساسية تجاه الضوء أو ما إلى ذلك.