أرسل الله تعالى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى أهل الأرض من أجل دعوتهم إلى توحيد الله تعالى وعبادته وحده لا شريك له، وقصَّ علينا في القرآن الكريم قصصَ بعضهم، وكان منهم خمسةٌ عُرِفوا بأولي العزم من الرُّسل، وهم: نبينا محمد {صلَّ الله عليه وسلم}، ونوحٌ، وإبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وسنتحدث في مقالنا هذا عن قصة سيدنا نوح عليه السلام.
دعوة نوح عليه السلام قومه إلى الإيمان وموقفهم منه
بعث الله تعالى نبيَّه نوحاً عليه السلام ليدعو قومه إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة ما سواه، فكان يدعوهم في الليل والنهار، سراً وعلانيةً، بالترغيب والترهيب والتذكير بقدرة الله تعالى ونعمه عليهم، وكان يُجادلهم بالتي هي أحسن، واستمر في دعوتهم تسعَمئَةٍ وخمسين عاماً، لكن أكثرهم لم يستجيبوا لدعوته، واستمرّوا على الضلالة، وعبادة أصنامهم، وآذوا نبيهم نوحاً عليه السلام، واستهزؤوا به وبمن آمن معه، وعابوا عليه أن أتباعه كانوا من الضعفاء، وطلبوا منه أن يطردهم، وأوصى بعضهم بعضاً بعدم الإيمان بدعوته، والثبات على عبادة الأصنام من دون الله تعالى، وأصروا واستكبروا على عنادهم، فدعا عليهم بالهلاك، قائلاً: “ربِ لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً”{سورة نوح، الآية: (26)}.
قصة سيدنا نوح عندما صنع السفينة
أوحى الله تعالى إلى نوحٍ عليهِ السلام أن يصنع سفينةً عظيمة، بعد أن أعلمه بأنه لن يؤمن أحدٌ من قومه بعد ذلك، فاستجاب لأمر ربه وبدأ يصنعها، فأخذ قومه يستهزئون به ويسخرون منه، فأجابهم بأنه هو الذي سيسخر منهم حين يأتيهم عذاب الله تعالى جزاء كفرهم وعصيانهم.
ولما فرغ نوح عليه السلام من بناء السفينة، أمره الله تعالى أن يحمل فيها المؤمنين من قومه، ومن كل نوعٍ زوجين ذكراً وأنثى من الحيوانات، والطيور والنباتات، فأطاع أمر ربه، ثم أمر الله تعالى الماء أن ينهمر من السماء، وينبع من الأرض بغزارةٍ شديدةٍ، وجرت السفينة بمن فيها من المؤمنين على الماء بقدرة الله تعالى وعنايته، وفي أثناء ذلك رأى نوحاً عليه السلام ابنه- الذي كان كافراً- فناداه ليؤمن بالله تعالى، ويركب في السفينة، فأبى وأصرَّ على كفره، وقال إنه سيصعد على جبلٍ ظانّاً بأن الجبل سيحميه من الهلاك ومن عقاب الله تعالى، فلم ينتفع بذلك، فغرق مع من غرق من الكافرين، ولم ينفعه نسبه بأبيه، واستمرت السفينة في جريانها حتى هلك من في الأرض جميعاً من الكافرين، ونجا المؤمنين.
نجاة نوح عليه السلام ومن معه
أمر الله تعالى الأرض بأن تبتلع ماءَها، وأمر السماء أن تمسك عن المطر، فجف وجه الأرض، واستقرت السفينة بمن فيها من المؤمنين على قمة جبلِ الجوديّ، ثم نزل نوح عليه السلام، ومن كان معه في السفينة منها سالمين بعد أن نجّاهم الله تعالى بقدرته ورحمته من الطوفان، قال الله تعالى مبيناً هذه النعمة: “إنّا لَمَّا طَغَا الماءُ حملناكم في الجارية -11- لنجعلها لكم تذكرةً وَتعيها أذنٌ واعية” {سورة الحاقة، الآيتان: 11، 12}.
الفائدة من قصة نوح عليه السلام
نصرة الله تعالى لأنبيائه عليهم السلام وللمؤمنين، وإهلاك أعدائهم، أمرٌ حقٌّ.
إنَّ دعوة الأنبياء عليهم السلام واحدةً، تقوم على توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة دون سواه.
إنَّ العاقبة الحُسنى للمتقين، والعاقبة السيئة للظالمين، فإن الله تعالى يُمهل ولا يُهمِلُ.
الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح هما سبب النجاة في الدنيا والآخرة.