من ثمرات الإيمان أن يجد العبد حلاوة ولذة الطاعة بداخله يشعر بها ويتحصل عليها من خلال السير في طرق محددة ومعروفة قد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث مثل ( ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً) والرضا هو الاقتناع بالشيء أي لم يرضى إلا بالله ولم يسع إلا في طريق دين الإسلام ولم يسلك إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث صحيح أخر ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يحب الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) وقد ذكر هذا الحديث سيدنا أنس مالك رضي الله عنه خادم النبي ولازمه عشر سنوات، أما عن ذكر لفظ الحلاوة في موضوعنا حلاوة الإيمان إنما ذكر هذه اللفظ لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة)
وحلاوة الثمرة هو نضج وجني الثمرة والذي هو الطاعة وليس لأي شخص أن يشعر بهذه الحلاوة إلا من اتبع كتاب الله حقاً وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حقاً وليس بالكلام فقط، فالبعد عن الذنوب والمعاصي وكلما اجتنب العبد نواهي الله جل وعلى وكلما اقترب إلى الطاعات والتزم بما أمر الله به يحقق للعبد حلاوة الإيمان التي هي جنة الدنيا كما قال بعض السلف.
حيث قال شيخ الإسلام بن تيمية (إن في الجنة دنيا من لم يدخلها لم يدخل جنة الأخرة) بالطبع هي جنة ولذة الأنس بالله وحلاوة الإيمان ولقد ذكر إبراهيم بن أدهم أيضاً (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف) وهو من أعلام السلف والتابعين الذي كان مشهوراً بالزهد والورع وكان من الأشراف وأبوه ثرياً كثير المال ورغم هذا كان ممن ذاقوا حلاوة الإيمان.
ومحبة الله جل في علاه ومحبة النبي المختار صلى الله عليه وسلم من أهم صفات من يتذوقوا حلاوة الإيمان، حيث أن محبة الله ورسوله مقدمة على محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين كما تبين ذلك في أحد الأحاديث الشريفة، وهذه المحبة لتزم على الشخص المسلم الاستجابة لأوامر الله ورسوله الحبيب مع تمام الرضا بما أمر الله به ورسوله.
والذي يريد أن يذوق حلاوة الإيمان يجب أن يحافظ على الفرائض التي أمر بها الله ومن أول ما يسأل العبد على هذه الفرائض يوم القيامة هي الصلاة، فيجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة مع الجماعة في المسجد ولا يقوم بتأخيرها إلا لعذر شرعي، وأن الصلاة بالفعل تجلب حلاوة الإيمان للقلب ولما لا وهي من أقرب القربات إلى الله كما جاء في الحديث أن الصلاة على وقتها من أحب الأعمال إلى الله، والتقرب إلى الله بنوافل العبادة أيضاً مثل صلاة قيام الليل وقراءة القرآن الكريم بتدبر والذكر والبكاء من خشية الله والعمرة.
ولا يظن البعض أن متعة الحرام بديل لحلاوة الإيمان، لإن متعة الحرام هي متعة جسدية شهوانية أما حلاوة الإيمان متعة قلبية روحانية تقذف السعادة في قلب العبد المؤمن ولا يفوقها سعادة في الدنيا، إذن يتضح لنا أن من سلك طريق طاعة الله والبعد عن الذنوب والمعاصي هو الذي يتحصل على حلاوة الإيمان.