تشدد الآباء في معاملة الأبناء
لا يمكننا التصور إطلاقا أن هناك أبوين أسوياء يكرهون أبنائهم، ولكن ما نستطيع تصوره هو إتباع الأبوين طرق غير سليمة في التعامل مع الأبناء كالشدة في التعامل، التعامل بحدة وعنف مع الأبناء، أو اتباع أسلوب الحماية الزائدة والإفراط في عقاب الابن مما ينتج عنه شخصية معتمدة على الغير وليس لديها أي قدر من الاستقلالية.
وكل هذا يقوم به الآباء بفعل الخوف على أبنائهم وحبهم الزائد لهم، والغرض من ذلك هو الحفاظ على الأبناء مما نسمعه الآن من كوارث وحوادث، يعتقد الأبوين أن هذا هو الأسلوب الأفضل للتربية، ولكن في الحقيقة لا ينتج عن هذه التنشئة المتشددة إلا أبناء قلقون ومتوترون دائما بعيدا كل البعد عن الاستقرار النفسي.
النتائج المترتبة على اتباع هذا الأسلوب:
شعور الأبناء بالتهديد المستمر وانعدام الثقة بالنفس.
عدم قدرة الفرد على مواجهة المواقف المختلفة معتقدين أن أي تصرف يصدر منهم سيكون نتيجته العقاب.
يصبح الفرد اعتمادي يعتمد على الغير ولا يعتمد على نفسه أبدا.
الخوف من أشياء لا تحتاج للخوف أبدا .
الخوف من تكوين علاقات اجتماعية أخرى غير علاقاتهم بأبويهم.
المصادر التي يستقي بها الآباء الكيفية التي يعاملون بها أبنائهم:
يقتدي أحيانا الوالدين بأساليب معاملة آبائهم لهم بمعنى أن الوالدين أحيانا يعاملون أبنائهم كما كان والديهم يعاملوهم، فيستمدون خبرتهم من تعلمهم السابق لتربية الأبناء.
وهناك أيضا التلقين من جيل لآخر فكثيرا ما نسأل والدينا عن كيفية التعامل مع أبنائنا فهم أكثر منا خبرة، فالآباء تعلم أبنائهم الأبوة، والأمهات تعلم بناتهم الأمومة.
فكثيرا ما تلجأ الأزواج الحديثة لطلب المشورة من آبائهم للتعليم منهم بشأن تربية الأبناء.
كما هناك من يفضل القراءة والاطلاع على العديد من المصادر مثل الكتب والمجلات التي تنشر العديد من الموضوعات الخاصة بتنشئة الأبناء والسبل المناسبة للتعامل معهم.
كما من محددات التنشئة أيضا هو المزاج الخاص بالأبوين بمعنى قدراتهم الخاصة وسماتهم الشخصية، فهناك آباء لديهم نشاط مفرط وهذا النشاط يدفعهم للتدخل في شئون الأبناء ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنهم، وهناك أصحاب المزاج المتزن الذين يحسنون التعامل مع أبنائهم فهم يميلون للين والرفق في معاملة أبنائهم والسماح لهم بقدر معتدل من الحرية في التصرف.
وهناك آباء ذات طاقة ونشاط منخفض يصل بهم الحال لمعاملة الأبناء بكل برود واللامبالاة في التعامل ولا يبذلون أي جهد لتنشئة أبنائهم ويتركون لهم الحبل على الغارب.
ومن الأفضل أن يتبع الفرد في تنشئة أبنائه الجمع بين عدة محددات بمعنى أن يأخذ بمشورة آبائه ويقرأ كثيرا عن التنشئة وتربية الأبناء ويتعلم أيضا من أخطاء والديه في التعامل معه وهو صغير فهناك من يقسي عليه أبويه في التعامل فيؤثر ذلك بالإيجاب أو السلب في تنشئة أبنائه فقد يلجأ لاتباع نفس الأسلوب بالتعامل بشدة مع أبنائه كما كان يعامله أبويه، وهناك من يتعامل بالرفق واللين لرغبته في تنشئة أبنائه أفضل من تنشئته هو وهو بذلك يكون تعلم من خطأ والديه مثل من ينشأ محروم من بعض الأشياء فيجتهد ويعمل بجد حتى لا يحرم أبنائه أبدا من أي شيء.
وهناك الآن العديد من مراكز الإرشاد التي تعطي العديد من الدورات في أساليب التنشئة الصحيحة وتعرف الأبوين بالطرق المناسبة للتعامل مع الأبناء على اختلاف سماتهم وقدراتهم كما تعطي دروس في الإرشاد الأسري وأهميته بالنسبة للأسرة.