الإنسان هو خليط معقد من العناصر التي تتفاعل مع بعضها البعض لتعطي هذا الكائن الفريد من نوعه، فالإنسان كائن معجزة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وتصالح الإنسان مع ذاته، وحبه لنفسه كما هي ليس بالأمر الهين، بل يحتاج هذا الأمر إلى تأمل، ولكن يمكن أن نقول أن محبة الإنسان لنفسه ورضاه عنها هي بداية الطريق، وهي بداية حياته على هذه الأرض، وأيضًا فهم الإنسان لنفسه وحبه لها يعتبر بداية تأثيره وفاعليته في جميع العناصر التي تحيط به.
كما أن الأشخاص الغير راضين عن أنفسهم، يعانون كثيرًا خلال حياتهم، فتراهم يسعون كثيرًا ليصبحوا مثل الأخرين، وذلك نتيجة عدم إدراكهم أن ما هم عليه هو الأفضل لهم ولوضعهم الحالي، لأن الله تعالى لم يخلق الإنسان في الحالة التي هو عليها الآن عبثًا، ولو أراد أن يخلق كل المخلوقات بنفس الصفات لفعل ذلك، وهذا الكلام لا يعني أبدًا أن يتوقف الإنسان عن السعي إلى تطوير نفسه، لأن حب النفس والرضا عنها ينسحبان فقط على الأشياء الثابتة التي لا تتغير مهما حاول الإنسان أن يغير منها.
كيف تحب نفسك وتتقبلها كما هي
ينبغي أن يدرك الإنسان أن قيمته الفعلية ليست بالقشور الزائفة التي تغطيه، مثل الاسم، والعرق، والحالة الاجتماعية، والدين، والجنس، والشكل، والمستوى التعليمي، أو حتى الشهادات التي يمتلكها، والمهارات التي يجيدها، وغيرها من الصفات، لأن قيمة الإنسان أعمق وأسمى من ذلك، كما ينبغي على كل شخص أن يكتشف جوهره وداخله، من خلال محاولة نزع هذه الشكليات والتجرد منها في لحظة هدوء وسكينة بينه وبين ذاته، كما ينبغي على كل إنسان أن يكتشف المغزى والهدف من حياته، وأن يضع لنفسه هدفًا، عندها فقط ستبدأ أيها الإنسان أن تحب نفسك وتتقبلها كما هي، وستقبل على الحياة بروح مرحة، لأنك أصبحت تشعر منذ هذه اللحظة بإنسانيتك، لأن السعي وراء شيء مفيد ونافع هو الطريق للشعور بقيمة الحياة التي لا تقف عند أي وضع.
اهتم بنفسك
حين تستيقظ من النوم كل يوم قل لنفسك سيكون هذا اليوم جميل، إن السعادة تنبع من أعماقك، والمرء يصبح سعيدًا بالقدر الذي ينوي به أن يجعل نفسه راضيًا بكل ما يحدث، فالله قال وما أبلغ من قوله ” أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء”.
أن تحب نفسك يعني أن تكون راضي بكل ما يمر بك ومُستقبِلا أقدار الله بالشكر والحمد، حاول دائمًا أن تكيف نفسك وفقًا لما يحدث، وفق الظروف، بدلًا من أن تحاول تكييف ما حولك وفقًا لما تريد أن يكون، تحكم في الظروف ولا تدعها تتحكم بك، والتغيير ينبع من داخلك، فعل سبيل المثال لو تغير الجو على غير ما كنت تتوقع، فقل لنفسك لعله خير.
أفرح دائما وأسعد نفسك
أسعد نفسك وغيرك وكن أنت المصباح الذي ينير من حولك وسط الظلمة، فلا يوجد شيء يتساهل الاكتئاب أو الحزن للأبد، فكلها فترات ولحظات وستمر، فعندما تحب نفسك سترى كل جميل في الكون، وإذا حزنت حاول أن تخرج بسرعة مما أنت فيه، وذكر نفسك دائمًا بكل ما حولك، بكل ما يجعلك سعيد وما يفرحك، فمثلًا عندما تستيقظ من النوم ابتسم واحمد الله على نعمة البقاء، وامتن لفضل الله عليك، لأنه لديك يوم جديد تستطيع أن تمضيه في طاعة الرحمن.
عندما ترى والديك ابتسم في وجههما فهناك الكثير من الذين انحرموا من نعمة الوالدين.