تعد الحرب العالمية الثانية من أكبر وأخطر الحروب التي مرت بتاريخ البشرية لما اتصفت به من وحشية ودمار وخراب للبشرية، فعلى الرغم من عالمية الحرب الأولى إلا أنها لم تبلغ من حيث رقعتها ما بلغته الحرب العالمية الثانية، حيث امتدت من أوروبا إلى الوطن العربي وقارة أفريقيا وآسيا، وهى الحرب التي اشتركت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، كما اشتركت بها معظم دول العالم .
كما اتخذت هذه الدول المشتركة في الحرب العالمية الثانية صفة الدفاع عن المبادئ ومصلحة الأمة القومية في الوجود، وهى التي تعتبر بالأحرى تبريراً وهمياً لنهب خيرات الشعوب .
كما تعد هذه الحرب العالمية الثانية من أكثر الحروب كلفة في تاريخ البشرية، وذلك لما أسلفنا في الذكر لأتساع بقعة الحرب، وكثرة الأطراف المتنازعة، فقد حصدت الحرب العالمية الثانية زهاء 50 مليون نفس بشرية بين عسكري ومواطن.
أسباب الحرب العالمية الثانية :
ا : تأتي في مقدمة الأسباب معاهدة فرساي سنة 1919م، وهى المعاهدة التي فرضت على ألمانيا غرامات باهظة ، وقيدت تسليحها وحرمتها من أسطولها التجاري وفرضت الذل عليها، لذلك تعتبر ألمانيا و هتلر بالخصوص أحد أهم أسباب هذه الحرب، الأمر الذي دفع ألمانيا إلى التنصل من هذه المعاهدات، فعندما استعادت حيويتها طالبت بالمجال الحيوي مدفوعاً بعوامل اقتصادية واعتبارات قومية أدت إلى اندلاع الحرب .
2 : قيام حلف جديد عرف باسم دول المحور الذي ضم ألمانيا وإيطاليا ثم انضمت إليه اليابان بعد ذلك، الحلف الذي عمل على اختلال التوازن الدولي نتيجة توسع هذه الدول في مستعمرات ومناطق جديدة هددت من خلاله مصالح الدول الأخرى، ومن أمثلة ذلك توسع اليابان في الصين وتوسع إيطاليا في إفريقيا، الأمر الذي حرم بعض الدول مثل إنجلترا وفرنسا من مستعمرات تلك الدول .
3 : من أحد أسباب الحرب العالمية الثانية الأخرى يمكن أن نطلق عليها أسباب اقتصادية، فقد مرت أوروبا بالعديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية أيضاً، من أبرزها أزمة 1929م التي بدأت من الولايات المتحدة وامتدت إلى سائر أوروبا وهى التي أدت إلى انخفاض أسعار المواد الأولية والبضائع، كما أدت إلى ضعف كبير في التجارة العالمية، حيث تكسدت البضائع في الموانئ والمخازن وأنتشر الكساد وضعفت القوة الشرائية، فاضطرت المصانع إلى إغلاق أبوابها، الأمر الذي أدى إلى أتساع رقعة البطالة، مما أثر سلباً على الحياة المجتمعية، وزاد في حجم الأزمة إتباع الدول ذات الأنظمة الجديدة ( روسياـ ألمانياـ إيطاليا ) سياسية الاكتفاء الذاتي وعدم الاستيراد من الدول الصناعية الغربية .
كما أن تسابق الدول على تسليح جيشها أستنفذ موارد تلك الدول ولم يعد باستطاعتها الإنفاق على العمران والتنمية والخدمات الاجتماعية.
4 : عندما نضع أيدينا على السبب الملموس الذي أشعل الحرب العالمية الثانية نجد أن سببه هو ضم هتلر للممر البولوني الذي يفصل بين ألمانيا وبروسيا، فأسرعت إنجلترا وفرنسا إلى إبرام تحالف مع بولونيا عهدتها فيه بحماية الاستقلال، وذلك خوفا من تزايد أطماع هتلر، ولكن هتلر لم يبال بذلك التحالف وشن هجوم على بولونيا بعد ضمانه لحياد روسيا، وتأييد إيطاليا واليابان له .
فرأت إنجلترا وفرنسا أنه لا مفر من إعلان الحرب على ألمانيا، بعدما تكشفت نوايا وأهداف هتلر التوسعية سنة 1939م، وبذلك اندلعت الحرب العالمية الثانية .
نتائج الحرب العالمية الثانية :
انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945م بعد ست سنوات من القتال الشرس، خسرت فيها البشرية 17 مليونا من العسكريين وأضعاف ذلك من المدنيين كما أسلفنا الذكر.
من أهم خسائر ونتائج هذه الحرب هو إسقاط قنبلتين ذريتين على اليابان، التي أودت ب66 ألف قتيل و69 ألف جريح بسبب التفجر المتكون من 10 آلاف طن، أما القنبلة الثاني فهي التي خفضت سكان في لحظة واحدة، بحيث أنخفض عدد سكانها من 422 ألفاً 383 ألفاً
أدت الحرب العالمية الثانية أيضا إلى تغير الخريطة السياسية لأوروبا، ففي الفترة ما بين عامي (1945م ـ 1948 )، حيث قسمت ألمانيا بين الحلفاء وبعد ذلك تجزأت إلى دولتين ألمانيا الغربية الرأسمالية، وألمانيا الشرقية الاشتراكية .
ظهور منظمة الأمم المتحدة التي حلت محل عصبة الأمم، فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية تأسست هذه المنظمة عام 1945م، التي استهدفت السلم العالمي، وحماية حقوق الإنسان، وتعزيز التعاون الدولي.
ولكن من الواضح أن أهداف هذه المنظمة كانت آخر اهتماماتها لما نراه من الواقع العربي الأليم الذي نعيشه، بالإضافة إلي بعض شعوب إفريقيا وآسيا المهشمة.