من القائل أعرف نفسك بنفسك ؟

يمكننا أن نقرن بداية الفلسفة بظهور مبدأ ” أعرف نفسك بنفسك “، والمقصود بالبداية هنا هو النشأة الأولى للفكر الفلسفي، وهناك مجموعة من الأقاويل التي فرضت نفسها في مجال الفلسفة، نذكر من بين هذه الأقاويل : ( الإنسان حيوان اجتماعي بالطبع )، ( أنا أفكر إذاً أنا موجود )، ( إن تاريخ المجتمعات هو تاريخ صراع الطبقات )،

من القائل أعرف نفسك بنفسك ؟

من القائل أعرف نفسك بنفسك ؟

( الجحيم هو الآخر )، ( الرجوع إلى الأشياء ذاتها ).

فعلى الرغم من شهرة هذه الأقوال في عالم الفلسفة إلا أن مقولة

” أعرف نفسك بنفسك ” تفوتها شهرة وعمقا لأنه يتمتع باستقلالية تامة، حتى وإن كانت ترفضه الأقوال السالفة الذكر.

تعتبر هذه العبارة من أهم العبارات التي قالها سقراط، وهى أكثر العبارات تأثيراً في الفكر اليوناني، ففي الوقت الذي كان فيه الناس يعيشون خارج ذواتهم، أو يفكرون في أمور لا تعني وجودهم، كان سقراط مشغول بنفسه ، قبل أن يحيا ويعيش بغيره .

أهمية العبارة تأتي في كونها قبلت رؤية الإنسان لنفسه، وغيرت مسار الفكر اليوناني، ونقلت المعرفة من سياقها الغيبي الأسطوري الذي كان مستحكماً فيها، إلى سياقها الفكري العقلاني، القائم على الحوار، وعلى إعمال العقل والمنطق في اختبار النفس، وفي معرفة الإنسان لنفسه،

أي أن يبدأ الفكر أو التفكير من الإنسان نفسه، وهو ما يعبر عنه

سقراط .

يحث مبدأ ” أعرف نفسك بنفسك ” على ضرورة ممارسة وإعمال الفكر إلى جانب ممارسات الحياة اليومية، كما يحث على ضرورة التأمل في الأسس التي تقوم عليها الممارسة في مختلف مجالات   الحياة.

في رأي سقراط لا يمكن أن تكون لنا معرفة بغيرنا، إذا لم نكن على معرفة بأنفسنا، ويمكن بذلك إعادة صياغة عبارة سقراط بالشكل الآتي، أعرف نفسك قبل أن تعرف غيرك .

حياة سقراط :

ولد سقراط في اليونان، عام 470 قبل الميلاد، في أثينا باليونان، يعد  أعظم فلاسفة التاريخ، وهو أحد مؤسسي الفلسفة الغربية، وأشهر الشخصيات التي نالت إعجاب التاريخ .

لم يعرف لسقراط أية مؤلفات، وقد عُرفت معظم المعلومات عن حياته وتعاليمه من تلميذه المؤرخ زينفون والفيلسوف أفلاطون وليس من سقراط نفسه، عاش أرسطو في أثينا، وكان ملبسه بسيطاً، وتعلم في

بداية حياته الموسيقى والأدب والرياضة، وعرف عنه تواضعه في المأكل والمشرب.

ولد أرسطو لأب نحات وأم قابلة، وقد كان قصير القامة، عمل في بداية حياته بالنحت، فنحت ثلاثة تماثيل.

سقراط الفيلسوف :

كان سقراط يعلم الناس في الشوارع والملاعب والأسواق، وكان يعتمد في أسلوب تدريسه على توجيه الأسئلة لمستمعيه، ثم يبين لهم مدى عدم كفاية إجابتهم .

قدم سقراط للمحاكمة ووجهت إليه تهمة الإساءة إلى التقاليد الدينية، وإفساد الشباب، وكان سقراط يؤمن مناقشة الحقائق الخاصة للوصول إلى الفكرة العامة، وقد اتخذت هذه العملية شكل الحوار الجدلي الذي عرف فيما بعد باسم الطريقة السقراطية .

وكان منهج سقراط في ذلك يقتضي طرح أسئلة تبدو ساذجة للكثيرين، بحيث تحث الناس العاديين بالتعبير عما يجول بخاطرهم، وطريقة تفكيرهم، وأن لا يقبلو شيئا إلا بعد أن يقوم البرهان على صحته، ثم الدفع بهم لتأكد أن معرفتهم لا تقوم إلا على معتقدات مهلهلة .

ولم يهتم بالطبيعة ولكنه أهتم بالعقل الإنسان، وقد خدم كثيراً فلسفة الأخلاق، حيث قال أن المعرفة هي الفضيلة والجهل هو سبب الرذيلة وأن المعرفة الحقيقية تأتي من الداخل.

موته :

 حتى حينما شارف على الموت لم يرضخ عن منهجه، بل عندما حكموا عليه بالإعدام وذلك لما ذكرناه سابقا بتهمة الإساءة للتقاليد والدين، واستقطاب الشباب  وإفسادهم، قال لهم أن يحكموا عليه بوضع ضريبة لأنه يقوم بمهنته الفلسفية في خدمة الشعب، بالإضافة لعدم اعترافه بإله الإغريق زيوس، وإيمانه بإله صوفي واحد .

 وبذلك أعتبر سقراط أحد أهم الأسماء في علم الفلسفة، حيث جعلت حياته وآراؤه وطريقة حياته، بالإضافة إلى طريقة موته الشجاعة، أحد أشهر الشخصيات التي نالت الإعجاب في التاريخ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *